سورة   الجن
 
الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ وَلَا وَلَدٗا} (3)

وقوله : { وَأَنَّهُ تعالى جَدُّ رَبِّنَا } قَالَ الجمهورُ : معناه : عَظَمَةُ ربنا ، وروي عن أنسٍ أنه قال : كان الرجلُ إذا قَرَأ البَقَرَةَ ، وآلَ عمرانَ جَدَّ في أعيننا ، أي : عَظُم ، وعن الحسن : { جَدُّ رَبِّنَا } غِنَاهُ وقال مجاهد : ذِكْرُهُ ، وقال بعضهم : جَلاَلُه ، ومَنْ فَتَح الألِفَ من قوله : { وَأَنَّهُ تعالى } اخْتَلَفُوا في تأويلِ ذلك ، فقال بعضُهم : هو عَطْفٌ على { أَنَّهُ استمع } فيجيءُ عَلَى هذا قولُه تعالى : { قل أوحي } مما أُمِرَ أنْ يقولَ النبيَّ إنَّه أوحي إليه ، ولَيْسَ هو من كلامِ الجنِّ ، وفي هذا قَلَقٌ ، وقال بعضهم : بل هو عطف على الضمير في { بِهِ } كأنه يقول : فآمنا به وبأنه تعالى ، وهذا القول أبْيَنَ في المعنى ، لكنَّ فيه من جهةِ النحو العطفَ على الضميرِ المخفوضِ دُونَ إعَادَةِ الخَافِضِ ، وذلك لاَ يَحْسن ( ت ) : بلْ هُوَ حَسَنٌ ؛ إذ قَدْ أتى في النظم والنَّثْرِ الصحيحِ ، مُثْبَتاً ، وقرأ عكرمة : ( تعالى جَدٌّ رَبُّنَا ) بِفَتْحِ الجيمِ وضَمِّ الدالِ وتَنْوِينِهِ ورفْعِ الرَّبِّ ، كأنه يقول : تعَالَى عَظِيمٌ هو ربُّنا ، فَرَبُّنَا بدَلٌ والجَدُّ : العَظِيمُ في اللغةِ ، وقرأ أبو الدرداء : «تعالى ذِكْرُ رَبِّنَا » ورُوي عنه : ( تعالى جَلاَلُ رَبِّنَا ) .