فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (92)

{ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ { 90 ) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ { 91 ) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ { 92 ) }

ما توحيد الله ولا اليقين في لقائه بالخفاء الذين يزعمون ، ولكنهم فتنوا أنفسهم وظنوا بالله الظنون ، وحين يسألون عن الآخرة يترددون ويرتابون ، فيقولون : تكون أو لا تكون ؛ فأبطل الله تعالى تغافلهم ، وهتك تجاهلهم ، كما قال سبحانه في آية كريمة أخرى مخاطبا نبيه : { . . فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ){[2396]} وقال تبارك اسمه في شأن أمثالهم : { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ){[2397]} وقال جل ثناؤه : { يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها . . ){[2398]} فقد تبين لهم الرشد من الغي وجاءتهم رسلهم بالبينات ، وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا حين يدعون عدم العلم بالله العظيم { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن . . ){[2399]} ومن قبلهم قالها الطاغية المتجبر فرعون { . . وما رب العالمين ){[2400]} فأكذبهم الله تعالى من قيلهم ؛ ومحال أن يتخذ ربنا تبارك وتعالى ولدا من البنين أو البنات ، وما صاحبه ولا شاركه أحد في خلق الكائنات ، إذ لو كان معه آلهة لذهب كل إله بموجوداته التي أوجدها ، يريد أن يهيمن عليها ، ولتنازع الآلهة ، إذ القوي لا يعبأ بالضعيف ، والضعيف لا يصلح أن يكون إلها ؛ تنزه الله تعالى مقامه عما يصفه به هؤلاء المشركون معه غيره ؛ لقد حاجهم القرآن الكريم فدحض افتراءهم ؛ ومن حجة ربنا البالغة قوله تبارك اسمه : { قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين ){[2401]} ، سبحان الله عالم ما غاب وما ظهر ، عالم ما يرى وما لا يرى ؛ ف{ عالم } [ بكسر الميم ] نعت للاسم الجليل ، أو بدل منه ؛ تقدس المعبود بحق وترفع أن يكون له شريك .


[2396]:سورة الأنعام. من الآية 33.
[2397]:سورة النمل. من الآية 83.
[2398]:سورة النحل. من الآية 83.
[2399]:سورة الفرقان. من الآية 60.
[2400]:سورة الشعراء. من الآية 23.
[2401]:سورة الأحقاف الآية4.