الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (92)

ثم قال تعالى ذكره : { عالم الغيب والشهادة }[ 93 ] .

أي : يعلم ما غاب عن خلقه من جميع الأشياء . فلم يروه ولم يعلموه وما شاهدوه ، فرأوه وعلموه .

والرفع الاختيار عند النحويين البصريين والكوفيين{[47612]} في ( عالم الغيب ) على إضمار مبتدأ ، أو على البعث لله في قوله : { ما اتخذ الله } عالم الغيب ، وحجة البصريين في اختيارهم الرفع أن قبله رأس آية ، وقد تم الكلام دونه ، فاستؤنف على إضمار مبتدأ .

وحجة الكوفيين منهم الفراء{[47613]} أن الرفع أولى به ، لأنه لو كان مخفوضا لقال : ( وتعالى ) بالواو{[47614]} . فدخول{[47615]} الفاء بعده يدل على أنه أراد ( هو عالم ) واحتج في ذلك بأنك لو قلت : مررت بعبد الله المحسن{[47616]} وأحسنت إليه ، جئت بالواو ، لأنك خفضت ولم تستأنف ، تريد : مررت بعبد الله الذي أحسن وأحسنت إليه . قال : ولو قلت : ( المحسن ) بالرفع ، لم يكن إلا بالفاء ، تريد : هو المحسن فأحسنت إليه ، فالفاء عنده تدل على انقطاع الكلام . وقد خالف هو نفسه هذا الأصل في المزمل ، فاختار : ( ورب المشرق ) بالخفض{[47617]} ، وبعده ( فاتخذه ) ومن أصله أن الفاء تدل على الاستئناف .


[47612]:قال في الكشف 2/131 قرأه أبو بكر ونافع وحمزة والكسائي بالرفع في (عالم) وخفضه الباقون.
[47613]:انظر: معاني الفراء 2/241.
[47614]:ز: في الواو.
[47615]:ز: فدخل (تحريف).
[47616]:ز: الحسن.
[47617]:بالخفض سقطت من ز.