فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَيۡرٞ مِّنۡهَاۖ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلَا يُجۡزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (84)

{ من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيآت إلا ما كانوا يعملون } ولكأن مجرد الانتساب إلى الإيمان والدخول في الإسلام ، وترك العلو والفساد ليست مما تدرك به الدرجات في الآخرة دون عمل ، بل مع اليقين ، والكف عن شدة المرح والسعي في الضرر ، فإن على المؤمن أن يحسن العمل ، فكل من فعل حسنة يجزى بها جزاء مضاعفا : )من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها . . ( {[3130]} إلى سبعمائة مثل : ) مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة . . ( {[3131]} إلى أمثال لا تحصى : ) . . والله يضاعف لمن يشاء . . ( {[3132]}( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة . . ( {[3133]} .

{ ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيآت إلا ما كانوا يعملون } ومن يكسب خطيئة أو إثما فلا يجازى على أوزاره و سيآته إلا بما هو مشاكل لما كان يفعل من غي وشر

{ إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد } إن الذي أنزل عليك يا محمد وأوجب تلاوة القرآن وتدبره والتزكي به والدعوة إليه وانتهاج سبيله وشرعته وخلقه لمرجعك إلى معاد عظيم ، وهل هو اليوم الآخر ، والشفاعة العظمى ، والمقام المحمود الذي وعد الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ؟ أم العود إلى مكة بعد هجرته منها- كما ثبت عن ابن عباس- كما نقل عن القتيبي : معاد الرجل بلده ، لأنه يتصرف في البلاد ثم يعود إليه : { قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين } تعلمنا الآية الكريمة كيف تكون الدعوة حكيمة ، والعظة بالغة ، والمجادلة لينة تتحاشى الغلظة والفظاظة ، كما جاء في آية كريمة أخرى ) . . وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين( {[3134]} فربنا أعلم أي الفريقين أهدى ، وهو الشهيد لي بأني جئتكم بالهدي ، فما أنا بنعمة ربي من الضالين ، ثم توجه الخطاب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه الأمي ، الذي ما كان قبل نزول الوحي يعلم أنه قد اختير ليكون آخر نبي ، ولا كان يدري أن قرآنا حكيما سيتنزل عليه من لدن ربه ) وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا . . ( {[3135]} لكن رحمة ربك سبقت ومشيئته أن يمنّ عليك وعلى المؤمنين فأنزل عليك الكتاب العظيم ، داعيا إلى الصراط المستقيم ، فاثبت ومن معك على منهاجه ، واصبروا على أمانة تبليغه ، واصدع بما جاءك من أمره ، ولا تؤخر الإنذار بشيء منه تألفا للمشركين


[3130]:سورة الأنعام. من الآية 160.
[3131]:سورة البقرة. من الآية 261.
[3132]:سورة البقرة. من الآية261.
[3133]:سورة البقرة . من الآية 245
[3134]:سورة سبأ. من الآية 24.
[3135]:سورة الشورى. من الآية 52.