قوله : { مَن جَاءَ بالحسنة فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا } ، لمَّا بيَّن أن الدار الآخرة ليست إلا للمتقين بيَّن{[40937]} بعد ذلك ما يحصل لهم فقال : { مَن جَاءَ بالحسنة فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا } ، والمعنى : أنهم يزادون على ثوابهم ، وقوله : { وَمَن جَاءَ بالسيئة فَلاَ يُجْزَى الذين عَمِلُوا السيئات إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } وظاهره أنهم لا يزادون على ما يستحقون{[40938]} .
فقوله : { فَلاَ يُجْزَى الذين } من إقامة الظاهر مقام المضمر تشنيعاً عليهم ، وقوله : { إِلاَّ مَا كَانُوا } أي : إلاَّ مثل ما كانوا ، قال الزمخشري : إنما كرر ذكر السيئات ، لأن في إسناد عمل السيئة إليهم مكرراً فضل تهجين لحالهم ، وزيادة تبغيض للسيئة إلى السامعين ، وهذا من فضله العظيم أنه لا يجزي بالسيئة إلا مثلها ، ويجزي بالحسنة بعشر{[40939]} أمثالها{[40940]} .
فإن قيل : قال تعالى : { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } [ الإسراء : 7 ] كرر ذكر الإحسان واكتفى في ذكر الإساءة بمرة واحدة ، ( وفي هذه الآية كرر الإساءة واكتفى في ذكر الإحسان بمرة واحدة ){[40941]} فما السبب ؟ .
والجواب{[40942]} : أن هذا المقام مقام الترغيب في الدار الآخرة فكانت المبالغة في النهي{[40943]} عن المعصية مبالغة في الدعوة إلى الآخرة ، وأما الآية الأخرى فهي في شرح حالهم فكانت المبالغة في ذكر محاسنهم أولى{[40944]} . فإن قيل : كيف لا تجزى السيئة إلا بمثلها مع أن المتكلم بكلمة الكفر إذا مات في الحال عذب أبد الآباد ؟ فالجواب : لأنه كان على عزم أنه لو عاش أبداً لقال ذلك فعومل بمقتضى عزمه{[40945]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.