{ إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام } استيقنوا أن الله المعبود بحق يعلم ما لا تعلمون ، فلا يعلم متى تنتهي الدنيا وتجيء الآخرة إلا الله عز وجل ، وهو الذي ينزل المطر فيغيث به العباد والبلاد ، ويسوقه سبحانه إلى حيث يشاء بقدر ما يشاء ويصرفه عمن يشاء ، وهو تعالى شأنه يصورنا في الأرحام كيف يشاء ، ويعطي كل جنين خلقه ، وييسره لما خلق له ، { وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير } ومع أن الآدمي منساق بغريزته إلى الكسب والجمع والتملك ، ومهما أوتي من حيلة ، وأخذ بكل أسباب الوصول ، فإن العاقبة تبقى بيد الفعال لما يريد : )ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده . . ( {[3483]} ، فما في مقدور إنسان أن يقرر ماذا هو فاعل غدا ؟ وماذا هو مدرك مما يطلب ؟ وماذا ينال من سراء أو ضراء ، من نعمة أو بلاء ، وليس في مقدور بشر أن يكون على دراية تامة بمصرعه أين يكون ، ، هل توافيه المنية حالا أم مرتحلا ؟ هل يفارق الحياة في الدار أم في العمل ؟ هل في مضجعه أم في مركبه أم في مستشفاه ؟ ! إن الله أحاط بكل شيء علما ، وهو ذو الخبرة بما كان وما سيكون وما هو كائن ، تعالى شأنه ، - هذه مفاتيح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمها فلا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى بها ، فعلم وقت الساعة لا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب : ) . . لا يجليها لوقتها إلا هو . . ( {[3484]} وكذلك إنزال الغيث . . وهذه شبيهة بقوله تعالى : )وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو . . ( {[3485]} الآية ، وقد وردت السنة بتسمية هذه الخمس مفاتيح الغيب-{[3486]} في صحيح البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما بارزا للناس إذ أتاه {[3487]} رجل يمشي فقال : يا رسول الله ! ما الإيمان ؟ قال : " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته{[3488]} ورسله ولقائه وتؤمن بالبعث الآخر " قال : يا رسول الله ! ما الإسلام ؟ قال : " الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان " قال : يا رسول الله ! ما الإحسان ؟ قال " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " قال : يا رسول الله ! متى الساعة ؟ قال : " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ولكن سأحدثك عن أشراطها إذا ولدت المرأة{[3489]} ربتها فذاك من أشراطها وإذا كان الحفاة العراة رءوس الناس فذاك من أشراطها في خمس{[3490]} لا يعلمهن إلا الله{ إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام } ثم انصرف الرجل فقال " ردوه علي " فأخذوا ليردوا فلم يردوا شيئا فقال : " هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم " ، وروايته عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مفاتيح الغيب خمس ثم قرأ : { إن الله عنده علم الساعة } " " نقل صاحب تفسير غرائب القرآن عن التفسير الكبير : ليس مقصود الآية أنه تعالى مختص بمعرفة هذه الأمور فقط . . . وإنما المراد أنه وقد حذر الناس من يوم القيامة ، كان لقائل أن يقول : متى الساعة ؟ فذكر أن هذا العلم لا يحصل لغيره ، ولكن هو كائن لدليلين ذكرهما مرارا ، وهو إنزال الغيث المستلزم لإحياء الأرض ، وخلق الأجنة في الأرحام ، فإن القادر على الإبداء قادر على الإعادة بالأولى ، ثم إنه كأنه قال : أيها السائل إن لك شيئا أهم منها لا تعلمه ، فإنك لا تعلم معاشك ومعادك ، فلا تعلم{ ماذا تكسب غدا } مع أنه فعلك وزمانك ، ولا تعلم أين تموت ، مع أنه شغلك ومكانك ، فكيف تعلم قيام الساعة ؟ ! . . . قال جار الله : جعل العلم لله والدراية للعبد لما في معنى الدراية من معنى الختل والحيلة ، كأنه قال : إنها لا تعرف وإن أعملت حيلها . اه مما جاء في الجامع لأحكام القرآن : والمراد إبطال كون الكهنة والمنجمين ومن يستسقي بالأنواء{[3491]} وقد يعرف بطول التجارب أشياء من ذكورة الحمل وأنوثته إلى غير ذلك . . وقد تختلف التجربة وتنكسر العادة ويبقى العلم له تعالى وحده . اه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.