الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وآياتها خمس .

{ لإيلاف قُرَيْشٍ } متعلق بقوله : { فَلْيَعْبُدُواْ } أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين .

فإن قلت : فلم دخلت الفاء ؟ قلت : لما في الكلام من معنى الشرط ؛ لأن المعنى : إما لا فليعبدوه لإيلافهم ، على معنى : أنّ نعم الله عليهم لا تحصى ، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه ، فليعبدوه لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة . وقيل : المعنى : عجبوا لإيلاف قريش . وقيل : هو متعلق بما قبله ، أي : فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش ، وهذا بمنزلة التضمين في الشعر : وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقاً لا يصحّ إلاّ به ، وهما في مصحف أبيّ سورة واحدة ، بلا فصل . وعن عمر أنه قرأهما في الثانية من صلاة المغرب . وقرأ في الأولى : «والتين » . والمعنى أنه أهلك الحبشة الذين قصدوهم ليتسامع الناس بذلك ، فيتهيبوهم زيادة تهيب ، ويحترموهم فضل احترام ، حتى ينتظم لهم الأمن في رحلتهم ، فلا يجترىء أحد عليهم .