الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وآياتها ثلاث .

في قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنا أنطيناك » بالنون . وفي حديثه صلى الله عليه وسلم : " وانطوا الثبجة " ، والكوثر فوعل من الكثرة ، وهو المفرط الكثرة . وقيل لأعرابية رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك ؟ قالت : آب بكوثر . وقال :

وَأَنْتَ كَثِيرٌ يَا ابْنَ مَرْوَانَ طَيِّبٌ *** وَكَانَ أَبُوكَ ابْنَ الْعَقَائِلِ كَوْثَرَا

وقيل : ( الكوثر ) نهر في الجنة . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قرأها حين أنزلت عليه فقال : " أتدرون ما الكوثر ؟ إنه نهر في الجنة وعدنيه ربي ، فيه خير كثير " ، وروي في صفته : " أحلى من العسل ، وأشدّ بياضاً من اللبن ، وأبرد من الثلج ، وألين من الزبد ؛ حافتاه الزبرجد ، وأوانيه من فضة عدد نجوم السماء " . وروي : " لا يظمأ من شرب منه أبداً ، أول وارديه : فقراء المهاجرين : الدنسو الثياب ، الشعث الرؤوس ، الذين لا يزوجون المنعمات ، ولا تفتح لهم أبواب السدد ، يموت أحدهم وحاجته تتلجلج في صدره ، لو أقسم على الله لأبرّه " . وعن ابن عباس أنه فسر الكوثر بالخير الكثير ، فقال له سعيد بن جبير : إن ناساً يقولون : هو نهر في الجنة ! فقال : هو من الخير الكثير .