الضمير في { وَقَالُواْ } لأهل الكتاب من اليهود والنصارى . والمعنى : وقالت اليهود : لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً ، وقالت النصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى ، فلف بين القولين ثقة بأنّ السامع يردّ إلى كل فريق قوله ، وأمناً من الإلباس لما علم من التعادي بين الفريقين وتضليل كل واحد منهما لصاحبه . ونحوه : { وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نصارى تَهْتَدُواْ } [ البقرة : 135 ] ، والهود : جمع هائد ، كعائذ وعُوذ ، وبازل وبُزل .
فإن قلت : كيف قيل كان هوداً على توحيد الاسم وجمع الخبر ؟ قلت : حمل الاسم على لفظ «من » والخبر على معناه ، كقراءة الحسن «إلا من هو صالو الجحيم » . وقوله : { فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خالدين فِيهَا } [ الجن : 23 ] . وقرأ أبيّ بن كعب : «إلا من كان يهودياً أو نصرانياً » .
فإن قلت : لم قيل : { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ } وقولهم : «لن يدخل الجنة » أمنية واحدة ؟ قلت : أشير بها إلى الأماني المذكورة وهو أمنيتهم أن لا ينزل على المؤمنين خير من ربهم ، وأمنيتهم أن يردّوهم كفاراً ، وأمنيتهم أن لا يدخل الجنة غيرهم : أي تلك الأماني الباطلة أمانيهم . وقوله : { قُلْ هَاتُواْ برهانكم } متصل بقولهم : { لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نصارى } . و { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ } : اعتراض ، أو أريد أمثال تلك الأمنية أمانيهم ، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه . يريد أن أمانيهم جميعاً في البطلان مثل أمنيتهم هذه . والأمنية أفعولة من التمني ، مثل الأضحوكة والأعجوبة { هَاتُواْ برهانكم } هلموا حجتكم على اختصاصكم بدخول الجنة { إِن كُنتُمْ صادقين } في دعواكم ، وهذا أهدم شيء لمذهب المقلدين . وأن كل قول لا دليل عليه فهو باطل غير ثابت . و «هات » صوت بمنزلة هاء ، بمعنى أحضر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.