غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالُواْ لَن يَدۡخُلَ ٱلۡجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰۗ تِلۡكَ أَمَانِيُّهُمۡۗ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (111)

109

{ وقالوا لن يدخل الجنة } نوع آخر من تخليط أهل الكتاب اليهود والنصارى والضمير في { وقالوا } لهم والمعنى وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً وقالت النصارى لن يدخلها إلا من كان نصارى ، فضم بين القولين ثقة بأن السامع يرد إلى كل فريق ما قاله لما علم من تكفير كل واحد منهما صاحبه ومثله { وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا } [ البقرة : 135 ] والهود جمعم هائد كبازل وبزل وعائذ وعوذ ، والعائذ الحديثة النتاج من النوق ، والبازل الذي خرج نابه ، ووحد اسم { كان } حملاً على لفظ { من } وجمع خبره حملاً على المعنى ومثله { فلا أجره عند ربه ولا خوف عليهم } [ البقرة : 112 ] { تلك أمانيهم } على حذف المضاف أي أمثال تلك الأمنية أمانيهم ، يريد أن أمانيهم جميعاً في البطلان مثل هذه وهي قولهم { لن يدخل الجنة } أو أشير بتلك إلى أن ودادتهم أن لا ينزل على المؤمنين خير من ربهم أمنية ، وودادتهم أن يردوهم كفاراً أمنية ، وقولهم { لن يدخل الجنة } أمنية أي تلك الأماني الباطلة أمانيهم ، وقوله { قل هاتوا برهانكم } متصل بقوله { لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى } و{ تلك أمانيهم } اعتراض على هذا . وهات الشيء اسم فعل معناه أعط ، ويتصرف فيه بحسب المأمور هات ، هاتيا ، هاتوا ، هاتي ، هاتين ، وقيل : الصحيح أنه ليس باسم فعل وإنما الهاء فيه مبدلة من الهمزة ، وأصله آت من الإيتاء .

برهانكم حجتكم على اختصاصكم بدخول الجنة { إن كنتم صادقين } في دعواكم ، وفيه دليل واضح على أن المدعي نفياً أو إثباتاً لابد له من برهان وإلا فدعواه باطلة .

من ادعى شيئاً بلا شاهد *** لابد أن تبطل دعواه