الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَقَالُواْ لَن يَدۡخُلَ ٱلۡجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰۗ تِلۡكَ أَمَانِيُّهُمۡۗ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (111)

قوله تعالى : { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم } المعنى : وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا . وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا . وأجاز الفراء أن يكون " هودا " بمعنى يهوديا ، حذف منه الزائد ، وأن يكون جمع هائد . وقال الأخفش سعيد : " إلا من كان " جعل " كان " واحدا على لفظ " من " ، ثم قال هودا فجمع ، لأن معنى " من " جمع . ويجوز " تلك أمانيهم " وتقدم{[1085]} الكلام في هذا ، والحمد لله .

قوله تعالى : { قل هاتوا برهانكم " } أصل " هاتوا " هاتيوا ، حذفت الضمة لثقلها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين ، يقال في الواحد المذكر : هات ، مثل رام ، وفي المؤنث : هاتي ، مثل رامي . والبرهان : الدليل الذي يوقع اليقين ، وجمعه براهين ، مثل قربان وقرابين ، وسلطان وسلاطين . قال الطبري : طلب الدليل هنا يقضي إثبات النظر ويرد على من ينفيه . " إن كنتم صادقين " يعني في إيمانكم أو في قولكم تدخلون الجنة ، أي بينوا ما قلتم ببرهان .


[1085]:راجع المسألة الثانية ص 5 من هذا الجزء.