الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَمَا زَالَت تِّلۡكَ دَعۡوَىٰهُمۡ حَتَّىٰ جَعَلۡنَٰهُمۡ حَصِيدًا خَٰمِدِينَ} (15)

{ تِلْكَ } إشارة إلى يا ولينا ، لأنها دعوى ، كأنه قيل : فما زالت تلك الدعوى { دَعْوَاهُمْ } والدعوى بمعنى الدعوة . قال تعالى : { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } [ يونس : 10 ] .

فإن قلت : لم سميت دعوى ؟ قلت : لأن المولول كأنه يدعو الويل ، فيقول تعالى : يا ويل فهذا وقتك . و { تِلْكَ } مرفوع أو منصوب اسماً أو خبراً وكذلك دعواهم . [ حصيداً ] الحصيد : الزرع المحصود . أي : جعلناهم مثل الحصيد ، شبههم به في استئصالهم واصطلامهم كما تقول : جعلناهم رماداً ، أي مثل الرماد . والضمير المنصوب هو الذي كان مبتدأ والمنصوبان بعده كانا خبرين له ، فلما دخل عليها جعل نصبها جميعاً على المفعولية . فإن قلت كيف ينصب «جعل » ثلاثة مفاعيل ؟ قلت : حكم الاثنين الآخرين حكم الواحد ؛ لأنّ معنى قولك «جعلته حلواً حامضاً » جعلته جامعاً للطعمين . وكذلك معنى ذلك : جعلناهم جامعين لمماثلة الحصيد والخمود .