الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَئِمَّةٗ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٰرِثِينَ} (5)

فإن قلت : علام عطف قوله : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ } وعطفه على { نتلو } و { يَسْتَضْعِفُ } غير سديد ؟ قلت : هي جملة معطوفة على قوله : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى الأرض } لأنها نظيرة «تلك » في وقوعها تفسيراً لنبأ موسى وفرعون ، واقتصاصاً له . { وَنُرِيدُ } : حكاية حال ماضية . ويجوز أن يكون حالاً من يستضعف ، أي يستضعفهم فرعون ، ونحن نريد أن نمنّ عليهم .

فإن قلت : كيف يجتمع استضعافهم وإرادة الله المنة عليهم ؟ وإذا أراد الله شيئاً كان ولم يتوقف إلى وقت آخر ، قلت : لما كانت منة الله بخلاصهم من فرعون قريبة الوقوع ، جعلت إرادة وقوعها كأنها مقارنة لاستضعافهم { أَئِمَّةً } مقدّمين في الدين والدنيا ، يطأ الناس أعقابهم . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : قادة يقتدى بهم في الخير . وعن مجاهد رضي الله عنه : دعاة إلى الخير ، وعن قتادة رضي الله عنه : ولاة ، كقوله تعالى : { وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً } [ المائدة : 20 ] . { الوارثين } يرثون فرعون وقومه ملكهم وكل ما كان لهم .