اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَئِمَّةٗ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٰرِثِينَ} (5)

قوله : { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ } فيه وجهان :

أظهرهما : أنه عطفٌ على قوله : «إِنَّ فِرْعَوْنَ » عطفُ فعلية على اسمية ، لأن كلتيهما تفسير للنبأ{[39668]} .

الثاني : أنه حالٌ من فاعل «يَسْتَضْعِفُ » وفيه{[39669]} ضعف من حيث الصناعة ومن حيث المعنى ، أما الصناعة فلكونه ( مضارعاً ){[39670]} مثبتاً فحقه أن يتجرد من الواو وإضمار مبتدأ قبله ، أي : ونحن نريك ، كقوله :

3974 - نَجَوْتُ وأَرْهَنهم مَالِكا{[39671]} *** . . .

وهذا تكلُّفٌ لا حاجة إليه . وأما المعنى فكيف يجتمع استضعاف فرعون ، وإرادة المنّة من الله{[39672]} ، لأنه متى مَنَّ اللَّهُ عليهم تعذَّر استضعاف فرعون إياهم .

وقد أجيب عن ذلك بأنه{[39673]} لما كانت المِنَّةُ بخلاصهم من فرعون سريعة الوقوع جعل إرادة وقوعها كأنها مقارنة لاستضعافهم{[39674]} .

قوله : «وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً » قال مجاهد : دعاة إلى الخير ، وقال قتادة : ولاة وملوكاً كقوله تعالى : «وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً »{[39675]} ، وقيل : يهتدى بهم في الخير{[39676]} ، «وَنَجْعَلَهُمْ الوَارِثِينَ » يعني لملك فرعون وقومه يخلفونهم في مساكنهم{[39677]} .


[39668]:انظر الكشاف 3/157، البحر المحيط 7/104.
[39669]:انظر الكشاف 3/157.
[39670]:مضارعاً: تكملة ليست من المخطوط.
[39671]:عجز بيت من بحر المتقارب، قاله عبد الله بن همام، وصدره: فلما خشيت أظافيرهم تقدم تخريجه والشاهد فيه.
[39672]:في ب: من الله تعالى.
[39673]:في ب: لأنه.
[39674]:انظر الكشاف 3/157، البحر المحيط 7/104.
[39675]:من قوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً} [المائدة: 20].
[39676]:انظر: البغوي 6/318.
[39677]:المرجع السابق.