تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَئِمَّةٗ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٰرِثِينَ} (5)

[ الآية 5 ] وقوله تعالى : { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا } هذا في الظاهر إخبار لرسوله أنه سيفعل ذلك ، لا أنه من عليهم ، وفعل ذلك لأنه{[15214]} يقول : { ونريد أن نمن على الذين } كذا ، وقد من عليهم بذلك . فهلا قال : وقد مننا على الذين استضعفوا في الأرض . لكن معناه ، والله أعلم : أي لكنا نريد في الأزل أن نمن عليهم ، وأن نجعلهم أئمة ، وأن نجعلهم الوارثين . وإلا الظاهر ما ذكرنا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ونجعلهم أئمة } يحتمل وجهين :

أحدهما : جعلهم جميعا أئمة لنا ، بهم نقتدي ، وننقاد لهم .

والثاني{[15215]} : أي نجعل فيهم أئمة وقادة لهم ، أي نجعل بعضهم أئمة لبعض [ كقول { موسى لقومه يا قوم ]{[15216]} اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء } [ المائدة : 20 ] والأئمة المذكورة ههنا كأنهم هم الأنبياء الذين ذكروا في هذه الآية : { ونجعلهم الوارثين } [ والآية التي تليها ]{[15217]} : { ونمكن لهم في الأرض } [ القصص : 6 ] .

هذا كما ذكر في آية أخرى : { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشرق الأرض ومغاربها } الآية [ الأعراف : 137 ] أي يرثون الأرض وملكهم بعد فرعون وقومه . والوارث هو الباقي على ما ذكرنا ، كأنه قال : يبقون هم في أرضهم وملكهم بعد هلاكهم كقوله : { إنا نحن نرث الأرض ومن عليها } [ مريم : 40 ] أي نبقى نحن بعد هلاك الأرض وهلاك من عليها ، والله أعلم .


[15214]:- من م، في الأصل: لا أنه.
[15215]:- في الأصل وم: أو أن يكون قوله: {ونجعلهم أئمة}.
[15216]:- في الأصل وم: كقوله لموسى.
[15217]:- ساقطة من الأصل وم.