الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞فَمَا لَكُمۡ فِي ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِئَتَيۡنِ وَٱللَّهُ أَرۡكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓاْۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَهۡدُواْ مَنۡ أَضَلَّ ٱللَّهُۖ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (88)

{ فِئَتَيْنِ } نصب على الحال ، كقولك : مالك قائماً ؟ روى أنّ قوماً من المنافقين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى البدو معتلين باجتواء المدينة ، فلما خرجوا لم يزالوا راحلين مرحلة مرحلة حتى لحقوا بالمشركين ، فاختلف المسلمون فيهم ، فقال بعضهم : هم كفار . وقال بعضهم : هم مسلمون . وقيل : كانوا قوماً هاجروا من مكة ، ثم بدا لهم فرجعوا وكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا على دينك وما أخرجنا إلا اجتواء المدينة والاشتياق إلى بلدنا . وقيل : هم قوم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد ثم رجعوا . وقيل : هم العرنيون الذين أغاروا على السرح وقتلوا يساراً . وقيل : هم قوم أظهروا الإسلام وقعدوا عن الهجرة . ومعناه : ما لكم اختلفتم في شأن قوم نافقوا نفاقاً ظاهراً وتفرقتم فيه فرقتين وما لكم لم تبتوا القول بكفرهم { والله أَرْكَسَهُمْ } أي ردهم في حكم المشركين كما كانوا { بِمَا كَسَبُواْ } من ارتدادهم ولحوقهم بالمشركين واحتيالهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم . أو أركسهم في الكفر بأن خذلهم حتى أركسوا فيه . لما علم من مرض قلوبهم ، { أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ } أن تجعلوا من جملة المهتدين { مَنْ أَضَلَّ الله } من جعله من جملة الضلال ، وحكم عليه بذلك أو خذله حتى ضلّ . وقرىء : «ركسهم » . و«ركسوا فيها » .