الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ أَوۡ رُدُّوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَسِيبًا} (86)

الأحسن منها أن تقول : ( وعليكم السلام ورحمة الله ) إذا قال : ( السلام عليكم ) وأن تزيد ( وبركاته ) إذا قال : ( ورحمة الله ) وروي أن : رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : السلام عليك ، فقال : «وعليك السلام ورحمة الله » وقال آخر : السلام عليك ورحمة الله ، فقال : «وعليك السلام ورحمة الله وبركاته » وقال آخر : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، فقال : «وعليك » . فقال الرجل : نقصتني ، فأين ما قال الله ؟ وتلا الآية . فقال : «إنك لم تترك لي فضلاً فرددت عليك مثله » { أَوْ رُدُّوهَا } أو أجيبوها بمثلها . ورد السلام ورجعه : جوابه بمثله ، لأن المجيب يرد قول المسلم ويكرره ، وجواب التسليمة واجب ، والتخيير إنما وقع بين الزيادة وتركها . وعن أبي يوسف رحمه الله : من قال لآخر : أقرئ فلاناً السلام ، وجب عليه أن يفعل . وعن النخعي : السلام سنة والردّ فريضة . وعن ابن عباس : الردّ واجب . وما من رجل يمرّ على قوم مسلمين فيسلم عليهم ولا يردون عليه إلا نزع عنهم روح القدس وردّت عليه الملائكة . ولا يرد السلام في الخطبة ، وقراءة القرآن ، جهراً ورواية الحديث ، وعند مذاكرة العلم ، والأذان ، والإقامة ، وعن أبي يوسف : لا يسلم على لاعب النرد والشطرنج ، والمغني ، والقاعد لحاجته ، ومطير الحمام ، والعاري من غير عذر في حمام أو غيره . وذكر الطحاوي : أن المستحب ردّ السلام على طهارة . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه تيمم لردّ السلام " قالوا : ويسلم الرجل إذا دخل على امرأته . ولا يسلم على أجنبية . ويسلم الماشي على القاعد . والراكب على الماشي ، وراكب الفرس على راكب الحمار ، والصغير على الكبير ، والأقل على الأكثر . وإذا التقيا ابتدرا . وعن أبي حنيفة : لا تجهر بالرد يعني الجهر الكثير . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم " أي وعليكم ما قلتم ؛ لأنهم كانوا يقولون : السام عليكم .

وروى : " لا تبتدئ اليهوديّ بالسلام ، وإن بدأك فقل وعليك " وعن الحسن : يجوز أن تقول للكافر : وعليك السلام ، ولا تقل : ورحمة الله ، فإنها استغفار . وعن الشعبي أنه قال لنصراني سلم عليه : وعليك السلام ورحمة الله . فقيل له في ذلك ، فقال : أليس في رحمة الله يعيش ؟ وقد رخص بعض العلماء في أن يبدأ أهل الذمة بالسلام إذا دعت إلى ذلك حادثة تحوج إليهم . وروى ذلك عن النخعي . وعن أبي حنيفة : لا تبدأه بسلام في كتاب ولا غيره . وعن أبي يوسف لا تسلم عليهم ولا تصحافهم ، وإذا دخلت فقل : السلام على من اتبع الهدى . ولا بأس بالدعاء له بما يصلحه في دنياه { على كُلّ شيء حَسِيباً } أي يحاسبكم على كل شيء من التحية وغيرها .