الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{لِتَسۡتَوُۥاْ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَيۡتُمۡ عَلَيۡهِ وَتَقُولُواْ سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِينَ} (13)

{ على ظُهُورِهِ }على ظهور ما تركبونه وهو الفلك والأنعام . ومعنى ذكر نعمة الله عليهم : أن يذكروها في قلوبهم معترفين بها مستعظمين لها ، ثم يحمدوا عليها بألسنتهم ، وهو ما يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا وضع رجله في الركاب قال : " بسم الله " فإذا استوى على الدابة قال : " الحمد لله على كل حال ، سبحان الذي سخر لنا هذا . . . إلى قوله لمنقلبون " وكبر ثلاثاً وهلل ثلاثاً . وقالوا : إذا ركب في السفينة قال : { بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ هود : 41 ] وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه رأى رجلاً يركب دابة فقال : سبحان الذي سخر لنا هذا . فقال : أبهذا أمرتم ؟ فقال : وبم أمرنا ؟ قال : أن تذكروا نعمة ربكم ، كان قد أغفل التحميد فنبهه عليه . وهذا من حسن مراعاتهم لآداب الله ومحافظتهم على دقيقها وجليلها . جعلنا الله من المقتدين بهم ، والسائرين بسيرتهم ، فما أحسن بالعاقل النظر في لطائف الصناعات ، فكيف بالنظر في لطائف الديانات ؟ { مُقْرِنِينَ } مطيقين . يقال : أقرن الشيء ، إذا أطاقه . قال ابن هرمة :

وَأَقْرَنْتُ مَا حَمَّلَتْنِي وَلَقَلَّمَا *** يُطَاقُ احْتِمَالُ الصَّدِّ يَا دَعْدُ وَالْهَجْرُ

وحقيقة «أقرنه » : وجده قرينته وما يقرن به ؛ لأنّ الصعب لا يكون قرينة للضعيف . ألا ترى إلى قولهم في الضعيف : لا يقرن به الصعبة . وقرىء «مقرنين » والمعنى واحد .