الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (52)

{ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا } يريد : ما أوحي إليه ، لأن الخلق يحيون به في دينهم كما يحيى الجسد بالروح .

فإن قلت : قد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كان يدري ما القرآن قبل نزوله عليه ؛ فما معنى قوله : { وَلاَ الإيمان } والأنبياء لا يجوز عليهم إذا عقلوا وتمكنوا من النظر والاستدلال أن يخطئهم الإيمان بالله وتوحيده ، ويجب أن يكونوا معصومين من ارتكاب الكبائر ومن الصغائر التي فيها تنفير قبل المبعث وبعده ، فكيف لا يعصمون من الكفر ؟ قلت : الإيمان اسم يتناول أشياء : بعضها الطريق إليه العقل ، وبعضها الطريق إليه السمع ، فعنى به ما الطريق إليه السمع دون العقل ؛ وذاك ما كان له فيه علم حتى كسبه بالوحي . ألا ترى أنه قد فسر الإيمان في قوله تعالى : { وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إيمانكم } [ البقرة : 143 ] بالصلاة ؛ لأنها بعض ما يتناوله الإيمان { مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا } من له لطف ومن لا لطف له ، فلا هداية تجدي عليه { صراط الله } بدل . وقرىء «لتهدى » أي : يهديك الله . وقرىء «لتدعو » .