الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

{ لأريناكهم } لعرفناكهم ودللناك عليهم . حتى تعرفهم بأعيانهم لا يخفون عليك { بسيماهم } بعلامتهم : وهو أن يسمهم الله تعالى بعلامة يُعلمون بها . وعن أنس رضي الله عنه : ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شيء من المنافقين : كان يعرفهم بسيماهم ، ولقد كنا في بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكوهم الناس ، فناموا ذات ليلة وأصبحوا وعلى جبهة كل واحد منهم مكتوب : هذا منافق .

فإن قلت : أي فرق بين اللامين في { فَلَعَرَفْتَهُم } و { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ } ؟ قلت : الأولى هي الداخلة في جواب ( لو ) كالتي في { لأريناكهم } كررت في المعطوف ، وأما اللام في { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ } فواقعة مع النون في جواب قسم محذوف { فِى لَحْنِ القول } في نحوه وأسلوبه . وعن ابن عباس : هو قولهم : ما لنا إن أطعنا من الثواب ؟ ولا يقولون : ما علينا إن عصينا من العقاب . وقيل : اللحن : أن تلحن بكلامك ، أي : تميله إلى نحو من الأنحاء ليفطن له صاحبك كالتعريض والتورية . قال :

وَلَقَدْ لَحَنْتُ لَكُم لِكَيْمَا تَفْقَهُوا *** وَاللَّحْنُ يَعْرِفُهُ ذَوُو الأَلْبَابِ

وقيل للمخطىء : لاحن ؛ لأنه يعدل بالكلام عن الصواب .