هو فتح مكة ، وقد نزلت مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مكة عام الحديبية عدة له بالفتح ، وجيء به على لفظ الماضي على عادة ربّ العزة سبحانه في أخباره ؛ لأنها في تحققها وتيقنها بمنزلة الكائنة الموجودة ، وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن المخْبِر ما لا يخفى .
فإن قلت : كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة ؟ قلت : لم يجعل علة للمغفرة ، ولكن لاجتماع ما عدّد من الأمور الأربعة : وهي المغفرة وإتمام النعمة وهداية الصراط المستقيم والنصر العزيز ، كأنه قيل : يسرنا لك فتح مكة ، ونصرناك على عدوّك ، لنجمع لك بين عز الدارين وأغراض العاجل والآجل . ويجوز أن يكون فتح مكة - من حيث إنه جهاد للعدوّ - سبباً للغفران والثواب والفتح والظفر بالبلد عنوة أو صلحاً بحرب أو بغير حرب ، لأنه منغلق ما لم يظفر به ، فإذا ظفر به وحصل في اليد فقد فتح . وقيل : هو فتح الحديبية ، ولم يكن فيه قتال شديد ، ولكن ترام بين القوم بسهام وحجارة . وعن ابن عباس رضي الله عنه : رموا المشركين حتى أدخلوهم ديارهم . وعن الكلبي : ظهروا عليهم حتى سألوا الصلح .
فإن قلت : كيف يكون فتحاً وقد أحصروا فنحروا وحلقوا بالحديبية ؟ قلت : كان ذلك قبل الهدنة ، فلما طلبوها وتمت كان فتحاً مبيناً . وعن موسى بن عقبة : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية راجعاً ، فقال رجل من أصحابه : ما هذا بفتح ، لقد صدّونا عن البيت وصد هدينا ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « بئس الكلام هذا ، بل هو أعظم الفتوح ، وقد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح ، ويسألوكم القضية ، ويرغبوا إليكم في الأمان ، وقد رأوا منكم ما كرهوا » ، وعن الشعبي : نزلت بالحديبية وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة ما لم يصب في غزوة أصاب : أن بويع بيعة الرضوان ، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر ، وظهرت الروم على فارس ؛ وبلغ الهدى محله ، وأطعموا نخل خيبر ، وكان في فتح الحديبية آية عظيمة . وذلك أنه نزح ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة ، فتمضمض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مجه فيها ، فدرت بالماء حتى شرب جميع من كان معه . وقيل : فجاش الماء حتى امتلأت ولم ينفد ماؤها بعد - وقيل : هو فتح خيبر ، وقيل : فتح الروم . وقيل : فتح الله له بالإسلام والنبوّة والدعوة بالحجة والسيف ، ولا فتح أبين منه وأعظم ، وهو رأس الفتوح كلها ، إذ لا فتح من فتوح الإسلام إلا وهو تحته ومتشعب منه . وقيل : معناه قضينا لك قضاء بيناً على أهل مكة أن تدخلها أنت وأصحابك من قابل ؛ لتطوفوا بالبيت : من الفتاحة وهي الحكومة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.