الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَسۡـَٔلُواْ عَنۡ أَشۡيَآءَ إِن تُبۡدَ لَكُمۡ تَسُؤۡكُمۡ وَإِن تَسۡـَٔلُواْ عَنۡهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلۡقُرۡءَانُ تُبۡدَ لَكُمۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهَاۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٞ} (101)

الجملة الشرطية والمعطوفة عليها أعني قوله : { إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } صفة للأشياء . والمعنى : لا تكثروا مسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تسألوه عن تكاليف شاقة عليكم ، إن أفتاكم بها وكلفكم إياها تغمكم وتشق عليكم وتندموا على السؤال عنها . وذلك نحو ما روي : أن سراقة بن مالك أو عكاشة بن محصن قال : يا رسول الله ، الحج علينا كل عام ؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أعاد مسألته ثلاث مرّات ، فقال صلى الله عليه وسلم : « ويحك ! ما يؤمنك أن أقول نعم ؟ والله لو قلت : نعم لوجبت ، ولو وجبت ما استطعتم ، ولو تركتم لكفرتم ، فاتركوني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بأمر فخذوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه » { وَإِن تَسْئَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ القرءان } ، وإن تسألوا عن هذه التكاليف الصعبة في زمان الوحي وهو ما دام الرسول بين أظهركم يوحى إليه ، تبد لكم . تلك التكاليف الصعبة التي تسؤكم ، وتؤمروا بتحملها ، فتعرّضون أنفسكم لغضب الله بالتفريط فيها { عَفَا الله عَنْهَا } عفا الله عما سلف ، من مسألتكم ، فلا تعودوا إلى مثلها { والله غَفُورٌ حَلِيمٌ } لا يعاجلكم فيما يفرط منكم بعقوبته .

فإن قلت : كيف قال : { لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء } .