الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (23)

{ قَالَ رَجُلاَنِ } هما كالب ويوشع { مِنَ الذين يَخَافُونَ } من الذين يخافون الله ويخشونه ، كأنه قيل : رجلان من المتقين . ويجوز أن تكون الواو لبني إسرائيل والراجع إلى الموصول محذوف تقديره : من الذين يخافهم بنو إسرائيل وهم الجبارون ، وهما رجلان منهم { أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمَا } بالإيمان فآمنا ، قالا لهم : إن العمالقة أجسام لا قلوب فيها ، فلا تخافوهم وازحفوا إليهم فإنكم غالبوهم يشجعانهم على قتالهم . وقراءة من قرأ : «يخافون » بالضم شاهدة له ، وكذلك أنعم الله عليهما ، كأنه قيل : من المخوفين . وقيل : هو من الإخافة ، ومعناه من الذين يخوفون من الله بالتذكرة والموعظة . أو يخوّفهم وعيد الله بالعقاب .

فإن قلت : ما محل ( أنعم الله عليهما ) ؟ قلت : إن انتظم مع قوله : ( من الذين يخافون ) في حكم الوصف لرجلان فمرفوع ، وإن جعل كلاماً معترضاً فلا محلّ له .

فإن قلت : من أين علما أنهم غالبون ؟ قلت : من جهة إخبار موسى بذلك . وقوله تعالى : { كَتَبَ الله لَكُمْ } وقيل : من جهة غلبة الظن وما تبينا من عادة الله في نصرة رسله ، وما عهدا من صنع الله لموسى في قهر أعدائه ، وما عرفا من حال الجبابرة .