الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قُل لَّآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ إِنِّي مَلَكٌۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۚ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} (50)

أي لا أدعي ما يستبعد في العقول أن يكون لبشر من ملك خزائن الله - وهي قسمة بين الخلق وإرزاقه ، وعلم الغيب ، وأني من الملائكة الذين هم أشرف جنس خلقه الله تعالى وأفضله وأقربه منزلة منه . أي لم أدّع إلهية ولا ملكية ؛ لأنه ليس بعد الإلهية منزلة أرفع من منزل الملائكة ، حتى تستبعدوا دعواي وتستنكرونها . وإنما أدّعي ما كان مثله لكثير من البشر وهو النبوّة { هَلْ يَسْتَوِى الأعمى والبصير } مثل للضالّ والمهتدي ويجوز أن يكون مثلاً لمن اتبع ما يوحي إليه . ومن لم يتبع . أو لمن ادّعى المستقيم وهو النبوة . والمحال وهو الإلهية أو الملكية { أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } فلا تكونوا ضالين أشباه العميان . أو فتعلموا أني ما ادعيت ما لا يليق بالبشر . أو فتعلموا أن اتباع ما يوحى إليَّ مما لا بدّ لي منه .

فإن قلت : { أَعْلَمُ الغيب } ما محله من الإعراب ؟ قلت : النصب عطفاً على قوله : { عِندِى خَزَائِنُ الله } ، لأنه من جملة المقول كأنه قال : لا أقول لكم هذا القول ولا هذا القول .