تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُل لَّآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ إِنِّي مَلَكٌۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۚ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} (50)

الآية50 وقوله تعالى : { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب } لم يحتمل ما قال ابن عباس رضي الله عنه حين{[7109]} قال : إنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : [ لم ]{[7110]} لم ينزل الله عليك{[7111]} كنزا تستغني به ، فإنك محتاج ، ولا جعل لك جنة تأكل منها ، فتشبع من الطعام ، فإنك تجوع . فنزل عند ذلك هذا .

لا يحتمل أن يقولوا له ذلك ، فيقول لهم : إني ملك ، وليس عندي خزائن الله { ولا أعلم الغيب } فإن كان من السؤال شيء من ذلك فإنما يكون على سؤال سألوا لأنفسهم كقوله تعالى : { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا } { أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا } [ الإسراء : 90 و 91 ] ونحو ذلك من الأسئلة التي سألوه لأنفسهم ، فنزل عند ذلك ما ذكر .

فهذا لعمري يحتمل [ وجهين :

أحدهما : يقول : ]{[7112]} لهم : ليس عندي خزائن الله ، فأجعل لكم هذا { ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي } .

والثاني : جائز أن يكون النبي عليه السلام أوعدهم بالعذاب ، وخوفهم ، فسألوا العذاب استهزاء وتكذيبا ، فقالوا : متى يكون ؟ كقولهم : { ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } [ الملك : 25 ] فقال عند ذلك { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله } ومفاتيحه ؛ أنزل عليكم العذاب متى شئت { ولا أعلم الغيب } متى وقت نزول العذاب عليكم ؟ { ولا أقول لكم إني ملك } نزلت من السماء بالعذاب ، إنما أنا رسول بشر مثلكم [ { إن أتبع } أي ] ما أتبع { إلا ما يوحى إلى } هذا محتمل جائز أن يكون على إثر ذلك مظل .

ويحتمل وجها آخر ؛ وهو أنه يخبر ابتداء ، أي { لا أقول لكم عندي خزائن الله } لأني لو قلت : عندي خزائن الله ، وأنا أعلم الغيب ، وأني ملك ، كان ذلك أشد اتباعا وأرغب وأكثر لطاعتي . لكن يقول أنا بشر مثلكم ، يوحى إلي ، ما أتبع إلا ما يوحى إلي ؛ لتعلموا أني صادق ومحق في ما أدعوكم إليه .

وقوله تعالى : { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك } يعلم بالإحاطة .

إن هذا ونحوه خرج على الجواب لأسئلة كانت منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكن لسنا نعلم ما كانت تلك الأسئلة ؛ كانت من أولئك حتى كان هذا جوابا لهم ، فلا نفسر ، ولكن نقف مخافة الشهادة على الله .

ويحتمل أن يكون جوابا لما ذكر في آية أخرى ، وهو قولهم : { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا } { أو تكون لك جنة من نخيل وعنب } الإسراء : 90 و 91 } فقال عند ذلك : { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب } جوابا لسؤال وقت الساعة أو وقت نزول العذاب .

وقوله تعالى : { ولا أقول لكم إني ملك } جواب لقولهم : { أو ترقى في السماء } [ الإسراء : 93 ] فقال عند ذلك : لا أقول : إني { أعلم الغيب } حتى أعلم وقت نزول العذاب أو قيام الساعة { ولا أقول لكم إني ملك } حتى أرقى في السماء .

وقوله تعالى : { قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون } أي تعرفون أنتم أنه لا يستوي الأعمى أي من عمي والبصير أي من لم يعم بصره . كيف لا تعرفون أنه لا يستوي من عمي عن الآيات ومن لم يعم عنها ؟ أو نقول : [ إذا لم يستو ]{[7113]} الأعمى والبصير كيف يستوي من يتعامى عن الحق ومن لم يتعام ؟ { أفلا تتفكرون } أنهما لا يستويان ؟

وقوله تعالى : { أفلا تتفكرون } في آيات الله وما ذكركم ، أو نقول : { أفلا تتفكرون } في [ ما ]{[7114]} وعظكم .


[7109]:- في الأصل وم: حيث.
[7110]:- ساقطة من الأصل وم.
[7111]:- في الأصل وم: عليكم.
[7112]:- في الأصل وم: فيقول.
[7113]:- في الأصل: إنا لم يستوي، في م: إذا لم يستوي.
[7114]:- ساقطة من الأصل وم .