الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِيتُم بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ فَمَا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} (38)

{ اثاقلتم } تثاقلتم . وبه قرأ الأعمش ، أي تباطأتم وتقاعستم . وضمن معنى الميل والإخلاد فعدي بإلى . والمعنى : ملتم إلى الدنيا وشهواتها وكرهتم مشاق السفر ومتاعبه ، ونحوه : { أَخْلَدَ إِلَى الأرض واتبع هَوَاهُ } [ الأعراف : 176 ] وقيل : ملتم إلى الإقامة بأرضكم ودياركم . وقرىء : «أثاقلتم » ؟ على الاستفهام الذي معناه الإنكار والتوبيخ .

فإن قلت : فما العامل في «إذا » وحرف الاستفهام مانعة أن يعمل فيه ؟ قلت : ما دلّ عليه قوله : { اثاقلتم } أو ما في { مَالَكُمْ } من معنى الفعل ، كأنه قيل : ما تصنعون إذا قيل لكم كما تعمله في الحال إذا قلت : مالك قائماً ، وكان ذلك في غزوة تبوك في سنة عشر بعد رجوعهم من الطائف . استتفروا في وقت عسرة وقحط وقيظ مع بعد الشقة وكثرة العدو ، فشقّ عليهم . وقيل : ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة إلاّ ورّى عنها بغيرها إلاّ في غزوة تبوك ليستعدّ الناس تمام العدة { مِنَ الاخرة } أي بدل الآخرة كقوله : لَجَعَلْنَا مِنكُمْ ملائكة [ الزخرف : 60 ] . { فِى الآخرة } في جنب الآخرة .