جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِيتُم بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ فَمَا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} (38)

{ يا أيها الذين{[1966]} آمنوا ما لكم{[1967]} إذا قيل لكم انفروا } : اخرجوا ، { في سبيل الله اثاقلتم } ، تباطأتم : { إلى الأرض } ، متعلق باثاقلتم لتضمنه معنى الميل والخلود نزلت في شان غزوة تبوك أمروا بها حين رجعوا من فتح مكة والطائف{[1968]} في وقت عسرة وشدة حر فشق عليهم ، { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة } ، أي بدلها : يعني الجنة ، { فما متاع الحياة الدنيا } ، التمتع بها ، { في الآخرة } ، أي : في جنبها { إلا قليل } ، فإنها لا تتناهى وأين نعيم الدنيا من نعيمها .


[1966]:وكانت العرب لا عيش لأكثرهم إلا من الغارات وأعمال السلاح وهم يدعون إنا على دين إبراهيم، وكانت إذا توالت عليهم الثلاثة الحرم صعب عليهم وكان فيهم من يبلين دينهم فهو الذي شرع له النسيء وبقي إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ضل فيهم ذو الحجة، وأما أن سنة حج فيها أبو بكر هي في ذي القعدة فليس بشيء وإن قاله بعض المؤرخين؛ لأنه نودي في حج أبي بكر بتحريم النسيء ونفي منهم وغيره من أمر الجاهلية وأيضا لما مضى من حجته عشر أشهر وكان الحادي عشر في أواخره سار(*) صلى الله عليه وسلم إلى الحج موافيا لهلال ذي الحجة فلما وقف بعرفة أخبر أن الزمان قد استدار كهيئته فعلم قطعا أن استدارته كانت في حجة أبي بكر والحمد لله وحده ولما أمرهم وهيجهم وشجعهم على القتال كافة وهم لم يبادروا وتثاقلوا وقعوا موقع العذاب فقال: "يا يأيها الذين آمنوا ما لكم" الآية/وجيز. (*) كذا بالأصل، واللفظ في الحديث "كهيئة".
[1967]:الاستفهام إنكاري تفريعي والقائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر إغلاظا ومخاشنة لهم صونا عن ذكره إذ خولف أمره/ وجيز.
[1968]:سنة تسع من الهجرة/12.