مكية{[1]} إلا قوله سبحانه وتعالى { وإن عاقبتم } [ الآية : 126 ] إلى آخر السورة وحكى الأصم رحمه الله عن بعضهم أنها كلها مدنية{[2]} .
وقال آخرون : من أولها إلى قوله { كن فيكون } مدني ، وما سواه فمكي ، وعن قتادة : بالعكس{[3]} ، وتسمى سورة النعم بسبب ما عدد الله فيها من النعم على عباده .
وهي مائة وثمانية وعشرون آية ، وألفان وثمانمائة وأربعون كلمة ، وعدد حروفها سبعة آلاف وسبعمائة وسبعة أحرف .
قوله : { أتى أَمْرُ الله } في " أتَى " وجهان :
أشهرهما : أنه ماضٍ لفظاً مستقبل معنى ، إذ المراد به يوم القيامة ، وإنَّما أبرز في صورة ما وقع وانقضى تحقيقاً له ولصدق المخبر به .
والمراد به مقدماته وأوائله ، وهو نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : جاء أمر الله ودنا وقرب .
وقال ابن عرفة : " تقول العرب : أتاك الأمرُ وهو متوقَّع بعد أي : أتى أمر الله وعداً فلا تستعجلوه وقوعاً " .
وقال قومٌ : المراد بالأمر ههنا عقوبة المكذِّبين والعذاب بالسيف وذلك أنَّ النَّضر بن الحارث قال : { اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء } [ الأنفال : 32 ] فاستعجل العذاب فنزلت هذه الآية ، وقتل النضر يوم بدر صبراً .
وقال ابن عباسٍ - رضي الله عنهما- : قوله تعالى : { اقتربت الساعة } [ القمر : 1 ] قال الكفار بعضهم لبعض : إنَّ هذا يزعمُ أنَّ القيامة قد قربت فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتَّى [ ننظر ]{[19676]} ما هو كائن ، فلما لم ينزل ، قالوا : ما نرى شيئاً ، [ فنزل قوله تعالى ]{[19677]} { اقترب لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } [ الأنبياء : 1 ] فأشفقوا ، فلما امتدَّت الأيام ، قالوا : يا محمد ما نرى شيئاً مما تخوِّفنا به ، فنزل قوله تعالى { أتى أَمْرُ الله } فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رءوسهم وظنُّوا أنها قد أتت حقيقة ، فنزل قوله { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } فاطمأنُّوا{[19678]} .
والاستعجال : طلب الشيء قبل حينه . واعلم أنَّه - صلوات الله وسلامه عليه - لمَّا كثر تهديده بعذاب الدنيا والآخرة ولم يروا شيئاً نسبوه إلى الكذب فأجابهم الله - تعالى - بقوله { أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } وتقرير هذا الجواب من وجهين :
أحدهما : أنه وإن لم يأتِ العذاب ذلك الوقت إلاَّ أنه واجب الوقوعِ ، والشيءُ إذا كان بهذه الحالة والصِّفة فإنه يقال في الكلام المعتاد : إنه قد أتى ووقع إجراء لما يجب وقوعه مجرى الواقع ، يقال لمن طلب الإغاثة وقرب حصولها جاء الفوت .
والثاني : أن يقال : إنَّ أمر الله بذلك وحكمه قد أتى وحصل ووقع ، فأمَّا المحكوم به فإنَّما لم يقع ، لأنَّ الله - تعالى - حكم بوقوعه في وقتٍ معينٍ فلا يخرج إلى الوجود قبل مجيء ذلك الوقت ، والمعنى : أن أمر الله وحكمه بنزولِ العذاب قد وجد من الأزلِ إلى الأبدِ إلاَّ أنَّ المحكومَ إنَّما لم يحصل ، لأنَّه - تعالى - خصَّص حصوله بوقتٍ معيَّنٍ { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } قبل وقته ، فكأنَّ الكفار قالوا : سلَّمنا لك يا محمد صحة ما تقول : من أنَّه - تعالى - حكم بإنزال العذاب علينا إمَّا في الدنيا وإمَّا في الآخرة ، إلاَّ أنا نعبد هذه الأصنام لتشفع لنا عند الله فنتخلص من العذاب المحكوم به فأجابهم الله - تعالى - بقوله { سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } .
قوله : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } يجوز أن تكون " ما " مصدرية فلا عائد لها عند الجمهور أي : عن إشراكهم به غيره ، وأن تكون موصولة اسمية .
وقرأ العامة { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } بالتاء خطاباً للمؤمنين أو للكافرين وقرأ ابن جبير بالياء{[19679]} من تحت عائداً على الكفار أو على المؤمنين .
وقرأ الأخوان{[19680]} " تُشْرِكُونَ " بتاء الخطاب جرياُ على الخطاب في " تَسْتَعْجِلُوهُ " والباقون بالياء عوداً على الكفار ، وقرأ الأعمش وطلحة{[19681]} والجحدري وجم غفير بالتاء من فوق في الفعلين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.