قوله : { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزينة } العامة على رفع " يَوْمُ الزينة " خبراً ل " مَوْعِدِكُمْ " ، فإن جعلت " مَوْعِدُكُم " زماناً لم يحتج إلى حذف مضاف ، إذ التقدير : زمانُ الوعدِ{[25069]} يَوْمَ الزينة . ( وإنْ جعلتَه مصدراً احتجت إلى حذف مضاف تقديره : وَعْدُكُمْ وَعْدَ يومِ الزينة{[25070]} ){[25071]} .
وقرأ الحسن والأعمش وعيسى وعاصم{[25072]} في بعض طرقه{[25073]} وأبو{[25074]} حيوة وابن أبي عبلة وقتادة والجحدري ( وهبيرة{[25075]} ){[25076]} " يَوْمَ " بالنصب{[25077]} ، وفيه أوجه :
أحدها : أن{[25078]} يكون خبراً لمَوْعِدُكم أن المراد بالموعد{[25079]} المصدر ، أي وَعْدُكُم{[25080]} كائنٌ في يوم الزِّينَةِ كقولك : القتال يوم كذا والسفر غداً{[25081]} .
الثاني : أن يكون{[25082]} " مَوْعِدُكم " مبتدأ ، والمراد به الزمان ، و " ضُحى " خبره على نية التعريف فيه ، لأنه ضحى ذلك اليوم{[25083]} بعينه . قاله الزمخشري{[25084]} ولم يبين ما الناصب ل " يَوْمَ الزِّيِنَةِ " ولا يجوز أن يكون منصوباً ب " مَوْعِدُكم " على هذا التقدير ، لأن مَفْعِلاً مراداً به الزمان أو المكان لا يعمل وإن كان مشتقاً ، فيكون الناصب له فعلاً مقدراً .
وواخذه أبو حسان في قوله : على نية التعريف . قال : لأنه وإن كان{[25085]} ضُحَى ذلك اليوم بعينه فليس على نية التعريف بل هو نكرة ، وإن كان من يوم بعينه ، لأنه ليس معدولاً{[25086]} عن الألف واللام كسَحَر ، ولا هو معرف{[25087]} بالإضافة ، ولو قلت : جئت يوم الجمعة بَكراً{[25088]} ، لم ندع أن بكراً{[25089]} كعرفة وإن كنت تعلم أنه من يوم بعينه{[25090]} .
الثالث : أن يكون " مَوْعِدُكُم " مبتدأ ، والمراد به المصدر ، و " يَوْمَ الزِّينَةِ " ( ظرف له ، و " ضُحَى " منصوب على الظرف خبراً للموعد كما أخبر عنه في الوجه الأول ب " يَوْمَ الزِّينَةِ " ){[25091]} نحو : القتال يوم كذا{[25092]} .
قوله : { وَأنْ يُحْشَرَ النَّاسُ } {[25093]} في محله وجهان :
أحدهما : البحر نسقاً ( على الزينة أي : مَوْعِدُكُم يومَ الزّينةِ ويوم أن يُحْشَرَ ويومَ حَشْر النَّاس ) .
والثاني : الرفع نسقاً{[25094]} على " يوم " . التقدير : موعدكم يوم كذا وموعدكم أن يُحْشَرَ الناس أي حشرهم{[25095]} .
وقرأ ابن مسعود والجحدري وأبو نهيك وعمرو بن فائد " وَأنْ تَحْش الناس " بتاء الخطاب في " تَحْشرَ " وروي عنهم " يَحشر " بياء الغيبة ، و " الناسَ " نصب في كلتا القراءتين ( على المفعولية{[25096]} ){[25097]} والضمير في القراءتين{[25098]} لفرعون أي وأن{[25099]} تَحْشرَ أنتَ يا فرعونُ ( أوْ وأنْ يَحْشُرَ فرعون{[25100]} ){[25101]} .
وجوز بعضهم أن يكون الفاعل ضمير اليوم في قراءة الغيبة{[25102]} ، وذلك مجاز لما كان الحشر واقعاً فيه نشب{[25103]} إليه نحو : نهاره صائم ، وليله قائم .
و " ضُحَى " نصب{[25104]} على الظرف العامل فيه " يُحْشَر " ويذكر ويؤنث " والضَّحاء " بالمد وفتح الضاد فوق الضحى ، لأن الضُّحى ارتفاع النهار والضَّحاءُ بعد ذلك ، وهو مذكر لا غير{[25105]} .
قال مجاهد وقتادة والسدي : " يَوْمُ الزِّينَةِ " كان يوم عيد لهم{[25106]} يتزيَّنُون فيه ، ويجتمعون في كل سنة{[25107]} . وقيل : هو يوم النيروز ، قاله مقاتل{[25108]} .
وقال ابن عباس وسعيد بن جبير : يوم عاشوراء{[25109]} .
واختلفوا في القائل{[25110]} { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزينة } فقيل : هو فرعون بيِّن الوقت . قال : القاضي : لأن المطالب بالاجتماع هو فرعون .
والظاهر أنه من كلام موسى{[25111]} لأن جواب لقول فرعون { فاجعل بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً } وأيضاً : إن تعيين يوم الزينة يقتضي{[25112]} اطلاع الكل على ما سيقع فيه ، فتعيينه إنما يليق بالمحق الذي يعرف{[25113]} أن اليد له لا بالمبطل الذي يعرف أنه{[25114]} لس معه إلا التلبيس .
وأيضاً : فقوله : " مَوْعِدُكُمْ " خطاب للجميع ، فلو جعلناه من فرعون لموسى وهارون لزم إما حمله على التعظيم وذلك لا يليق بحال فرعون{[25115]} معهما ، أو على أن أقل الجمع اثنان وهو غير جائز ، أما لو جعلناه من موسى إلى فرعون وقومه استقام الكلام{[25116]} .
وإنما أوعدهم{[25117]} ذلك اليوم ، ليكون علو كلمة الله ، وظهور{[25118]} دينه وكبت الكافرين ، وزهوق الباطل على رؤوس الأشهاد في المجمع العام{[25119]} ليكثر المحدث بذلك الأمر العجيب في كل بدو وحضر ، ويشيع في جميع أهل الوبر والمدر . قال القاضي : إنه{[25120]} عين{[25121]} اليوم بقوله { يَوْمَ الزِّينَةِ } ، ثم عين من اليوم وقتاً معيناً بقوله : { وَأَن يُحْشَرَ الناس ضُحًى }{[25122]} أي : وقت الضحوة نهاراً جهاراً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.