قوله : { بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ } أي : في غفلة وجهالةٍ ، يعني الكفار{[33100]} في غفلة . «مِنْ هَذَا » أي : القرآن ، أي{[33101]} من هذا الذي بيّناه في القرآن ، أو من الكتاب الذي ينطق بالحق أو من هذا الذي هو وصف المشفقين . «وَلَهُمْ » أي : ولهؤلاء الكفار { أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذلك } أي : أعمال خبيثة من المعاصي «دُون{[33102]} ذَلِك » أي : سوى جهلهم وكفرهم .
وقيل : «دُون ذَلِك » يعني : من دون أعمال المؤمنين التي ذكرها الله - عز وجل{[33103]} - قال بعضهم : أراد أعمالهم في الحال . وقيل : بل أراد المستقبل لقوله : { هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } .
وإنما قال : { هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } ، لأنها مثبتة في علم الله - تعالى - وفي اللوح المحفوظ ، فوجب أن يعملوها ليدخلوا بها النار لما سبق لهم من الشقاوة . وقال{[33104]} أبو مسلم : هذه الآيات من صفات المشفقين كأنه قال بعد وصفهم : { وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } ونهايته ما أتى به هؤلاء المشفقون «وَلَدَيْنَا كِتَابٌ » يحفظ أعمالهم «يَنْطِقُ بالحَقِّ » «فَلاَ يُظْلَمُونَ بَلْ قُلُوبُهُمْ في غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا » هو أيضاً وصفٌ لهم بالحيرة كأنه قال : وهم مع ذلك الوجل والخوف كالمتحيرين في أن أعمالهم مقبولة أو مردودة { وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذلك } أي : لهم أيضاً من النوافل ووجوه البرِّ سِوَى ما هم عليه إمَّا أعمالاً قد عملوها في الماضي ، أو سيعملوها في المستقبل ، ثم إنه تعالى رجع بقوله : { حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ } إلى وصف الكفار{[33105]} وهذا قول قتادة .
قال ابن الخطيب : وقول أبي مسلم أولى ، لأنه إذا أمكن رد الكلام إلى ما يتصل به كان أولى من ردّه إلى ما بعد خصوصاً ، وقد يرغب المرء في فعل الخير{[33106]} بأن يذكر أنّ أعمالهم محفوظة ، كما يحذر بذلك من الشر ، وقد يُوصف المرء لشدة فكره في أمر آخرته بأن قلبه في غمرة ، ويراد أنّه قد استولى عليه الفكر في قبوله أو ردِّه ، وفي أنه هل أدَّى عمله كما يجب أو قصّر ؟
فإن قيل : فما المراد بقوله : «مِنْ هَذَا » وهو إشارة إلى ماذا ؟
قلنا : إشارة إلى إشفاقهم ووجلهم بيَّن أنهما مستوليان على قلوبهم {[33107]} .
قوله : { هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } كقوله : { هُمْ لَهَا سَابِقُونَ } [ المؤمنون : 61 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.