فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{بَلۡ قُلُوبُهُمۡ فِي غَمۡرَةٖ مِّنۡ هَٰذَا وَلَهُمۡ أَعۡمَٰلٞ مِّن دُونِ ذَٰلِكَ هُمۡ لَهَا عَٰمِلُونَ} (63)

ثم أضرب سبحانه عن هذا فقال :

{ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ } أي بل قلوب الكفار في غمرة غامرة لها { مِنْ هَذَا } الكتاب الذي ينطق بالحق أو عن الأمر الذي عليه المؤمنون يقال غمره الماء إذا غطاه ، ونهر غمر يعطي من دخله ، والمراد بها هنا الغطاء والغفلة أو الحيرة والعمى والجهالة ، قال ابن عباس : يعني بالغمرة الكفر والشك .

{ وَلَهُمْ } أي للكفار { أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ } قال ابن عباس : يقول أعمال سيئة دون الشرك منها إقامة إمائهم في الزنا ، وقال قتادة ومجاهد : أي لهم خطايا لا بد أن يعملوها من دون الحق .

وقال الحسن وابن زيد : لهم أعمال سيئة لم يعملوها من دون ما هم عليه لا بد أن يعلموها فيدخلون النار ، والمراد بال { دون } الغير أي الضد أي لهم أعمالا مضادة لأوصاف مخالفة لأوصاف المؤمنين ، وقيل الإشارة بقوله : ذلك إما إلى أعمال المؤمنين ، أو إلى أعمال الكفار أي لهم أعمال من دون أعمال المؤمنين ، التي ذكرها الله ، أو من دون أعمال الكفار التي تقدم ذكرها من كون قلوبهم في غفلة عظيمة مما ذكر ، وهي فنون كفرهم ومعاصيهم التي من جملتها ما سيأتي من طعنهم في القرآن .

قال الواحدي : إجماع المفسرين وأصحاب المعاني على أن هذا إخبار عما سيعملونها من أعمالهم الخبيثة ، التي كتبت عليهم لا بد لهم أن يعملوها وجملة { هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } مقررة لما قبلها أي واجب عليهم أن يعملوها فيدخلوا بها النار لما سبق لهم في الأزل من الشقاوة لا محيص لهم عن ذلك أي مستمرون عليها ؛