قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسجدوا للرحمن } الآية . قال أكثر المفسرين : الرحمن اسم من أسماء الله مكتوب في الكتب المتقدمة والعرب ما عرفوه{[36524]} .
قال مقاتل : «إن أبا جهل قال : إن الذي يقول محمد شعر ، فقال عليه السلام{[36525]} : «الشعر غير هذا إن هذا إلا كلام الرحمن » ، فقال أبو جهل : بخ بخ{[36526]} لعمري{[36527]} والله إنه لكلام الرحمن الذي باليمامة هو يعلمك ، فقال عليه السلام{[36528]} : «الرحمن الذي في السماء ومن عنده يأتيني الوحي » ، فقال : يا أبا غالب من يعذرني من محمد يزعم أن الله واحد وهو يقول : الله يعلمني والرحمن ، ألستم تعلمون أنهما إلهان{[36529]} . قال القاضي : والأقرب أن مرادهم إنكار الله لا الاسم ، لأن هذه اللفظة عربية وهم كانوا يعلمون أنها تفيد المبالغة في الإنعام ، ثم إن قلنا : إنهم كانوا منكرين ( لله كان قولهم ) {[36530]} : «وَمَا الرَّحْمَن » سؤال عن الحقيقة كقول فرعون : { وَمَا رَبُّ العالمين } [ الشعراء : 23 ] ، وإن قلنا : إنهم كانوا مقرين بالله لكنهم جهلوا كونه تعالى مسمى بهذا الاسم كان قولهم «وَمَا الرَّحْمَن » سؤال عن هذا الاسم{[36531]} .
قوله : { أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } قرأ الأخوان بياء الغيبة{[36532]} ، يعنون محمداً كأن بعضهم قال لبعض : أنسجد لما يأمرنا محمدٌ أو يأمرنا المسمى بالرحمن ولا نعرف ما هو{[36533]} .
والباقون بالخطاب{[36534]} ، يعني لما تأمرنا أنت يا محمد .
و «ما » يجوز أن يكون بمعنى ( الذي ) {[36535]} ، والعائد محذوف لأنه متصل ؛ لأن ( أمر ) يتعدى إلى الثاني بإسقاط الحرف ، ولا حاجة إلى التدرج{[36536]} الذي ذكره أبو البقاء وهو أن الأصل : لما تأمرنا بالسجود له ، ثم بسجوده ، ثم تأمرناه ، ثم تأمرنا ، كذا قدره ، ثم قال : هذا على مذهب أبي الحسن وأما على مذهب سيبويه فحذف ذلك من غير تدريج{[36537]} . قال شهاب الدين : وهذا ليس مذهب سيبويه{[36538]} . ويجوز أن تكون موصوفة{[36539]} ، والكلام{[36540]} في عائدها موصوفة كهي موصولة ويجوز أن تكون مصدرية{[36541]} ، وتكون اللام للعلة ، أي : أنسجد من أجل أمرك وعلى هذا يكون المسجود{[36542]} له محذوفاً{[36543]} ، أي : أنسجد للرحمن لما تأمرنا ، وعلى هذا لا تكون «ما » واقعة على العالم ، وفي الوجهين الأوليين يحتمل ذلك وهو المتبادر للفهم .
قوله : «وَزَادَهُمْ نُفُوراً » قول القائل لهم اسجدوا للرحمن . نفوراً عن الدين والإيمان . ومن حقه أن يكون باعثاً على الفعل والقبول ، قال الضحاك : سجد الرسول{[36544]} وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعثمان بن مظعون وعمرو بن عنبسة ، ولما رآهم المشركون يسجدون تباعدوا في ناحية المسجد مستهزئين من هذا ، وهو المراد من قوله «وَزَادَهُمْ نُفُوراً » أي : فزادهم سجودهم نفوراً{[36545]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.