قوله تعالى : { وَعِبَادُ الرحمن الذين يَمْشُونَ } { عِبَادُ الرحمن } رفع بالابتداء ، وفي خبره وجهان :
أحدهما : الجملة الأخيرة في آخر السورة «أُولَئِكَ يُجْزَونَ »{[36582]} ، وبه بدأ الزمخشري{[36583]} و «الَّذِينَ يَمْشُونَ » وما بعده صفات للمبتدأ .
والثاني : أن الخبر «يَمْشُونَ »{[36584]} . والعامة على «عِبَادِ » ، [ واليمانيّ بضم العين وتشديد الباء جمع عابد{[36585]} ، والحسن «عُبُد » بضمتين{[36586]} .
والعامة «يَمْشُون » بالتخفيف مبنياً للفاعل ]{[36587]} ، واليماني والسلمي بالتشديد مبنياً للمفعول{[36588]} .
هذه الإضافة للتخصيص والتفضيل{[36589]} وإلا فالخلق كلهم عباد الله .
قوله : «هَوْناً » إما نعت مصدر ، أي : مشياً هوناً ، وأما حال أي : هَيِّنينَ ، والهون : اللين والرفق{[36590]} ، أي يمشون بالسكينة والوقار متواضعين ، ولا يضربون بأقدامهم أشراً وبطراً{[36591]} ولا يتبخترون خيلاء{[36592]} . وقال الحسن : علماء حكماء{[36593]} .
وقال محمد ابن الحنفية : أصحاب وقار وعفّة لا يسفهون{[36594]} وإن سفه عليهم حلموا{[36595]} { وإذا خاطبهم الجاهلون } يعني السفهاء بما يكرهونه «قَالُوا سَلاَماً » . قال مقاتل : قولاً يسلمون فيه من الإثم{[36596]} . وقيل : المعنى : لا نجاهلكم . وقيل : المراد حلمهم في مقابلة الجهل{[36597]} . وقال الأصم : «قَالُوا سَلاَماً » أي : سلام توديع لا محبة ، كقول إبراهيم - عليه السلام{[36598]} - لأبيه : «سَلاَمٌ عَلَيْكَ »{[36599]} .
قال الكلبي وأبو العالية : نسختها آية القتال{[36600]} .
قوله : «سَلاَماً » يجوز أن ينتصب على المصدر بفعل مقدر أي : نسلم سلاماً أو نسلم تسليماً منكم لا نجاهلكم فأقيم السلام مقام التسليم{[36601]} ، ويجوز أن ينتصب على المفعول به ، أي : قالوا هذا اللفظ ، قال الزمخشري : أي قالوا سداداً من القول يسلمون فيه من الأذى ، والمراد سلامتهم{[36602]} من السفه ، كقوله :
أَلاَ لاَ يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا *** فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِينَا{[36603]}
ورجح سيبويه أن المراد بالسلام السلامة لا التسليم ، لأن المؤمنين لم يؤمروا قط بالتسليم على الكفرة ، وإنما أمروا بالمسالمة ، ثم نسخ ذلك ، ولم يذكر سيبويه نسخاً إلا في هذه الآية{[36604]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.