اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالَتۡ لِأُخۡتِهِۦ قُصِّيهِۖ فَبَصُرَتۡ بِهِۦ عَن جُنُبٖ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (11)

قوله : { وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ } أي : قُصِّي أثر موسى ، تتبَّعي أمره حتى تعلمي خبره : وكانت أخته لأبيه وأمه واسمها مريم{[39783]} . قال «فَبَصُرَتْ بِهِ » أي : أبصرتهُ ، وقرأ قتادة «بَصَرَتْ » بفتح الصاد وعيسى بكسرها{[39784]} . قال المبرد : أبصرته وبصرت به بمعنى{[39785]} ، وتقدم معناه في طه{[39786]} . و «عَنْ جُنُبٍ » في موضع الحال إمَّا من الفاعل أي : بصرت به مُسْتَخفيةً كائنةً عن جُنُبٍ ، وإمَّا من المجرور أي : بعيداً منها{[39787]} .

وقرأ العامة «جُنُبٍ » بضمتين وهو صفة لمحذوف ، أي : عن مكان بعيد{[39788]} ، وقال أبو عمرو بن العلاء : أي : عن شوقٍ ، وهي لغة جُذَامٍ ، يقولون : جَنَبْتُ إليك أي : اشتقت{[39789]} .

( وقرأ قتادة والحسن والأعرج وزيد بن علي بفتح الجيم وسكون النون ){[39790]} {[39791]} ، وعن قتادة أيضاً بفتحهما{[39792]} ، وعن الحسن «جُنْب » بالضم والسكون{[39793]} ، وعن النعمان بن سالم{[39794]} «عَنْ جَانِبٍ » وكلها بمعنى واحد . ومثله الجِنَاب والجَنَابَة{[39795]} .

{ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } جملة حالية ، ومتعلق الشعور{[39796]} محذوف أي : أنها تَقُصُّه ، أو{[39797]} أنه سيكُونَ لهم عدواً وحزناً ، أو أنها أخته ، أو أنها ترقبه{[39798]} .


[39783]:انظر الفخر الرازي 24/230.
[39784]:المختصر (112).
[39785]:انظر الفخر الرازي 24/230.
[39786]:عند قوله تعالى: {قال بصرت بما لم يبصروا به} [طه: 96].
[39787]:انظر التبيان 2/1017.
[39788]:حكاه أبو حيان عن الكرماني. البحر المحيط 7/107.
[39789]:انظر القرطبي 13/257، البحر المحيط 7/107.
[39790]:انظر المختصر (112)، المحتسب 2/149، البحر المحيط 7/107.
[39791]:ما بين القوسين سقط من ب.
[39792]:انظر البحر المحيط 7/107.
[39793]:المرجع السابق.
[39794]:في النسختين: عن سالم. والتصويب من المحتسب 2/149، تفسير ابن عطية 11/270، البحر المحيط 7/107. وهو النعمان بن سالم الطائفي، روى عن أوس بن أوس، وعبد الله بن عمر، وروى عنه سماك، وداود بن هند، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 4020.
[39795]:جناب: مصدر جانبه مجانبة وجناباً صار على جنبه، وجنابة مصدر جنب، انظر اللسان (جنب)، والبحر المحيط 7/107.
[39796]:أي: معمول الفعل.
[39797]:في ب: و. وهو تحريف.
[39798]:انظر البغوي 6/323.