فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالَتۡ لِأُخۡتِهِۦ قُصِّيهِۖ فَبَصُرَتۡ بِهِۦ عَن جُنُبٖ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (11)

{ وَقَالَتْ لأخْتِهِ قُصّيهِ } أي قالت أمّ موسى لأخت موسى ، وهي مريم قصيه : أي تتبعي أثره ، واعرفي خبره ، وانظري أين وقع ، وإلى من صار ؟ يقال : قصصت الشيء : إذا اتبعت أثره متعرّفاً لحاله { فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ } أي أبصرته عن بعد ، وأصله عن مكان جنب ، ومنه الأجنبي .

قال الشاعر :

فلا تحرميني نائلاً عن جنابة *** فإني امرؤ وسط الديار غريب

وقيل المراد بقوله : { عن جنب } عن جانب ، والمعنى : أنها أبصرت إليه متجانفة مخاتلة ، ويؤيد ذلك قراءة النعمان بن سالم عن جانب ، ومحلّ { عن جنب } النصب على الحال إما من الفاعل ، أي بصرت به مستخفية كائنة عن جنب ، وإما من المجرور : أي بعيداً منها . قرأ الجمهور { بصرت به } بفتح الباء وضم الصاد ، وقرأ قتادة بفتح الصاد ، وقرأ عيسى بن عمر بكسرها . قال المبرّد : أبصرته ، وبصرت به بمعنى ، وقرأ الجمهور { عن جنب } بضمتين ، وقرأ قتادة والحسن والأعرج وزيد بن عليّ بفتح الجيم وسكون النون ، وروي عن قتادة أيضاً أنه قرأ بفتحهما . وروي عن الحسن أيضاً أنه قرأ بضم الجيم وسكون النون . وقال أبو عمرو بن العلاء : إن معنى { عَن جُنُبٍ } عن شوق . قال : وهي لغة جذام يقولون : جنبت إليك : أي اشتقت إليك { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أنها تقصه وتتبع خبره ، وأنها أخته .

/خ13