اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَتۡبَعۡنَٰهُمۡ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا لَعۡنَةٗۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ هُم مِّنَ ٱلۡمَقۡبُوحِينَ} (42)

{ وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ الدنيا لَعْنَةً } خزياً وعذاباً .

قوله : «وَيَوْمَ القِيَامَةِ »{[40384]} فيه أوجه :

أحدها : أن تتعلق{[40385]} ب «المَقْبُوحِينَ »{[40386]} على أن ( أل ) ليست موصولة{[40387]} أو موصولة واتسَّع فيه ، وأن تتعلق بمحذوف يفسره «المَقْبُوحِينَ »{[40388]} ، كأنه قيل{[40389]} : «وقبِّحُوا يوم القيامة ، نحو : { لِعَمَلِكُمْ مِنَ القالين } [ الشعراء : 168 ] ، أو يعطف على موضع «في الدُّنْيَا » ، أي : وأتبعناهم لعنة يوم القيامة{[40390]} . أو معطوفة على «لَعْنَة » على حذف مضاف ، أي{[40391]} : ولعنةً يوم القيامة{[40392]} .

والوجه الثاني أظهرهما : والمَقْبُوحُ ، المطرود قبحه الله : طرده{[40393]} ، قال :

4006 - أَلاَ قَبَّحَ اللَّهُ البَراجِمَ كُلَّهَا *** وَجَدَّعَ يَرْبُوعاً وَعَفَّرَ دَارِمَا{[40394]}

وسُمِّي ضد الحسن قبحاً لأنَّ العين{[40395]} تنبو عنه ، فكأنها تطرده{[40396]} ، يقال : قبح قباحةً ، وقيل : «مِنْ المَقْبُوحِينَ » : من الموسومين بعلامة منكرة ، كزرقة العيون وسواد الوجوه ، قاله ابن عباس{[40397]} ، يقال : قَبَحَهُ الله وقَبَّحَه ، إذا جعله قبيحاً ، قال الليث : قَبَحَهُ الله أي : نحاه من كل خير{[40398]} ، والقبيح أيضاً : عظم الساعد مما يلي النصف منه إلى المرفق{[40399]} ، وقال أبو عبيدة : «مِنَ المَقْبُوحِينَ » من المهلكين{[40400]} .


[40384]:في ب: "ويوم القيامة هم".
[40385]:يريد بالتعلق هنا أن يكون معمولاً له.
[40386]:في ب: أن يتعلق بـ "المقبوحين" كأنَّه وقبِّحوا يوم القيامة نحو "إني لعملكم من القالين".
[40387]:انظر التبيان 2/1021.
[40388]:انظر البيان 2/234، التبيان 2/1021.
[40389]:في ب: كأنه قال.
[40390]:انظر مشكل إعراب القرآن 2/234، التبيان 2/1021.
[40391]:أي: سقط من ب.
[40392]:انظر مشكل إعراب القرآن 2/162، البيان 2/233، التبيان 2/1021.
[40393]:انظر الكشاف 3/170، اللسان (قبح).
[40394]:البيت من بحر الطويل، قاله امرؤ القيس، وهو في ديوانه (130)، المفضليات (437)، القرطبي 13/290، البحر المحيط 7/103. البراجم: مفاصل الأصابع، والمقصود بالبراجم هنا: أحياء من بني تميم، وذلك أن أباهم قبض أصابعه، وقال لهم: كونوا كبراجم يدي هذه ويربوع ودارم: حيان منهم. جدّع: قطع، يدعو عليهم بالقبح والذلة. والشاهد فيه قوله: " قبَّح" أي: جعلهم مقبوحين مطرودين.
[40395]:في ب: المعنى.
[40396]:في ب: تطردهم.
[40397]:انظر البغوي 6/344.
[40398]:انظر الفخر الرازي 24/255.
[40399]:انظر اللسان (قبح).
[40400]:مجاز القرآن 2/160.