اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ مَا عَلِمۡتُ لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرِي فَأَوۡقِدۡ لِي يَٰهَٰمَٰنُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجۡعَل لِّي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَطَّلِعُ إِلَىٰٓ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُۥ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ} (38)

قوله{[40355]} : { وَقَالَ فِرْعَوْنُ يا أيها الملأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إله غَيْرِي } فتضمن كلامه نفي إلهيَّة غيره وإثبات إلهية نفسه{[40356]} ، { فَأَوْقِدْ لِي يا هامان عَلَى الطين } فاطبخ لي الآجُرَّ{[40357]} ، قيل : إنَّه أول من اتخذ الآجُرَّ وبنَى به{[40358]} ، { فاجعل لِي صَرْحاً } أي{[40359]} : قصراً عالياً . وقيل : منارة ، واختلفوا في ذلك فقيل : إنه بَنَاه حتى بلغ ما لَمْ يبلغه بنيان أحد من الخلق ، وإنه صَعدَ وَرَمَى بسهم وأن السهم عاد إليه ملطخاً بدم ، وبعث الله جبريل عليه السلام فضربه بجناحه فقطعه ثلاث قطع{[40360]} ، وقيل : إنه لم يَبْن الصرح لأنه يبعد في العقل أنهم بصعود الصرح يقربون من السماء مع علمهم{[40361]} بأنّ مَنْ عَلاَ أعلى الجبال الشاهقة يرى السماء كما كان يراها وهو في قرار الأرض ، ومن شكَّ في ذلك خرج عن حد العقل ، وهذا القول في أنه رمى السهم إلى السماء وأن من حاول ذلك كان من الخائبين ، ولا يليق بالعقل ، وإنما قال ذلك على سبيل التهكم{[40362]} .

قوله : { لعلي أَطَّلِعُ إلى إله موسى } أنظر إليه . والطُّلوع والاطِّلاع{[40363]} واحد ، يقال طَلَعَ الجبل واطَّلَعَ واحد{[40364]} ، «وَإِنِّي لأَظنُّهُ » يعني موسى «من الكاذبين » في زعمه أنَّ للأرض والخلق إلهاً غيري وأنه رسوله .


[40355]:في ب: قوله تعالى.
[40356]:انظر الفخر الرازي 24/252.
[40357]:الآجرّ: طبيخ الطين، والواحدة بالهاء آجرَّة. اللسان (أجر).
[40358]:انظر البغوي 6/243.
[40359]:أي: سقط من الأصل.
[40360]:انظر البغوي 6/434.
[40361]:في ب: لعلمهم.
[40362]:انظر الفخر الرازي 24/253.
[40363]:الصعود.
[40364]:انظر الكشاف 3/169.