أظهرهما : أنها شرطيَّة ، وجوابُها قوله : " فعند الله " ، ولا بد من ضميرٍ مقدَّرٍ في هذا الجواب يعُودُ على اسم الشَّرْطِ ؛ لما تقرر قبل ذلك ، والتقدير : فعند الله ثوابُ الدنيا والآخرِة له إن أراده ، وهذا تقدير الزَّمَخْشَرِيِّ{[10033]} ، قال [ الزمخشري ]{[10034]} " حتَّى يتعلقَّ الجزاءُ بالشَّرْطِ " .
وأوردهُ ابن الخِطِيب{[10035]} على وَجْه السُّؤال قال :
فإن قيل : كَيْفَ دخلتِ الفاءُ في جواب الشَّرْط ، وعنده - تعالى - ثوابُ الدُّنْيَا والآخِرِة ، سواءً حصلت هذه الإرادة أم لا .
قلنا : تقدير الكلام : فعند الله ثوابُ الدُّنْيَا والآخِرَة له إن أرَادَهُ ، وعلى هذا التَّقْدِير يتعلَّق الجَزَاءُ بالشَّرْط .
وجَوَّز أبو حيَّان - وجعله الظَّاهر - أنَّ الجواب مَحْذُوفٌ ، تقديره : من كان يريد ثواب الدُّنيا فلا يَقْتَصِر عليه ، وليَطْلُبِ الثَّوابَيْن ، فعند الله ثوابُ الدَّارَيْن .
والثاني : أنها موصولةٌ ودخلت الفاءُ في الخَبَر ؛ تشبيهاً له باسم الشَّرْط ، ويُبْعِده مُضِيُّ الفِعْلِ بعده ، والعائدُ مَحْذُوفٌ ؛ كما تقرَّر تَمْثِيلُه .
ومعنى الآية : أن هؤلاء الَّذِين يُريدُون بِجِهَادِهم الغَنِيمَة فقط مُخْطِئون{[10036]} ؛ لأنَّ عند اللَّه [ ثَوَابَ ]{[10037]} الدُّنيا والآخِرَة ، فلم اكْتَفَى بطلَبِ ثَوَابِ الدُّنْيا ، مع أنه كَانَ كالعَدَمِ بالنِّسْبَة إلى ثَوَاب الآخِرَة ، ولو كان عَاقِلاً ، لطلب ثواب الآخِرَة ؛ حتى يَحْصُل له ذلك ، ويَحْصُل له ثوابُ الدُّنْيَا تَبَعاً .
قال القُرْطُبِيُّ{[10038]} : من عَمِل بما افْتَرَضَهُ [ اللَّه ]{[10039]} عليه طلباً للآخِرَة ، آتاه اللَّه ذلك في الآخِرَة ، ومن عمل طَلَباً للدُّنْيَا ، آتاه ما كُتِب{[10040]} له في الدُّنْيَا ، وليس لَهُ في الآخِرَة من نَصِيبٍ ؛ لأنه عَمِل لغير اللَّه لقوله - تعالى - : { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ } [ هود : 16 ] وهذا على أن يكون المُرَاد بالآية : المُنافِقُون والكُفَّار ، { وكان اللَّه سَمِيعاً بَصِيراً } : يسمع كَلاَمهُم أنهم لا يَطْلُبون من الجِهَاد سِوَى الغَنِيمَةِ ، ويرى أنَّهم لا يَسْعوْن في الجِهَاد ، ولا يَجْتَهِدُون فيه ، إلا عِنْد توقُّعِ الفَوْزِ بالغنيمَةِ ، وهذا كالزَّجْرِ عن{[10041]} هَذِه الأعْمَالِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.