اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَنَادَوۡاْ يَٰمَٰلِكُ لِيَقۡضِ عَلَيۡنَا رَبُّكَۖ قَالَ إِنَّكُم مَّـٰكِثُونَ} (77)

قوله تعالى : { وَنَادَوْاْ يا مالك } العامة من غير ترخيم . وعَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ ، وعبدُ الله بن وثَّاب والأعمشُ يَا مَالِ «مرخَّماً »{[50088]} على لغة ينتظر المحذوف . قيل لابن عباس : إن ابن مسعود قرأ «وَنَادَوْا يَا مَالِ » فقال : ما أشغلَ أهل النار بالترخيم ، وأجيب عنه : بأنه إما حَسُنَ الترخيم لأنهم بلغوا من الضعف والنحافةِ إلى حيث لا يمكن أن يذكروا من الكلمة إلا بعضها{[50089]} . وقرأ أبو السَّرار الغَنَوِيُّ : يَا مَالُ مَبْنِيًّا على الضم على لغة من لا ينوي{[50090]} .

فصل

روي ابن عباس ( رضي الله عنهما ){[50091]} أن أهل النار يدعون مالكاً خازن النار يقولون : { لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } لِيُمِتْنَا ربك فنستريح فيجيئهم مالك بعد ألف سنة «إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ » مقيمون في العذاب وعن عبد الله بن عمرو بن العاص يجيئهم بعد أربعين سنة وعن غيره مائة سنة{[50092]} .

فصل

اختلفوا في أن قولهم : يا مالك ليقضي علينا ربك على أي الوجوه طلبوه ؟ فقال بعضهم : على التمني . وقال آخرون : على وجه الاستغاثة ، وإلا فهم{[50093]} عالمون بأنه لا خلاص لهم من ذلك العقاب . وقيل : لا يبعد أن يقال : إنهم لشدة ما هم فيه نَسُوا تلك المسألة تذكرة{[50094]} على وجه الطلب .

ثم إنه تعالى بين أن مالكاً يقول لهم : «إنكم ماكثون » وليس في القرآن متى أجابهم ، هل أجابهم في الحال أو بعد ذلك بمدة ؟


[50088]:ذكرها أبو الفتح بن جني في المحتسب 2/257 قال: هذا المذهب المألوف في الترخيم إلا أن فيه في هذا الموضع سرا جديدا، وذلك أنهم لعظم ما هم عليه ضعفت قواهم وذلت أنفسهم وصغر كلامهم فكان من مواضع الاختصار ضرورة عليه ووقوفا دون تجاوزه.
[50089]:الرازي 27/22.
[50090]:الكشاف 3/449 وابن خالويه 136.
[50091]:زيادة من أ.
[50092]:القرطبي 16/117.
[50093]:كذا في الرازي وفي ب فإنهم.
[50094]:في ب والرازي: فذكروه.