اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ بِٱلۡحُسۡنَى} (31)

قوله تعالى : { وَلِلَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض } وهذا معترض بين الآية الأولى وبين قوله : { لِيَجْزِيَ الذين أَسَاءوا بِمَا عَمِلُوا }{[53613]} .

واللام في قوله : «لِيَجْزِي » فيها أوجه :

أحدها : أن يتعلق بقوله : { لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ } ذكره مكّي{[53614]} . وهو بعيد من حيثُ اللَّفْظ ومن حيث المعنى .

الثاني : أن يتعلق بما دل عليه قوله : { وَلِلَّهِ مَا فِي السماوات } أي له ملكهما يضلّ من يشاء ويهدِي من يشاء ليجزي المُحْسِنَ والْمُسِيءَ{[53615]} .

الثالث : أن يتعلق بقوله : «بِمَنْ ضَلَّ ، وَبِمَن اهْتَدَى » واللام للصيرورة أي عاقبة أمرهم جميعاً للجزاء بما عملوا{[53616]} . قال معناه الزمخشري{[53617]} .

الرابع : أن يتعلق بما دل عليه قوله : { أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ }{[53618]} أي حفظ ذلك لِيَجْزِيَ . قاله أبو البقاء{[53619]} .

وقرأ زيد بن علي : لِنَجْزِي بنون العظمة{[53620]} والباقون بياء الغيبة . وقوله : «الَّذِينَ أحْسَنُوا » وحَّدُوا ربهم «بالْحُسْنَى » بالْجَنَّة . وإنما يقدر على مجازاة المحسن والمسيء إذا كان مالكاً فلذلك قال تعالى : { لِلَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض } .


[53613]:والمعنى: إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ليجزي: الجامع 17/105.
[53614]:قاله في مشكل الإعراب 2/232.
[53615]:وهو رأي مكيّ في مرجعه السابق، والقرطبي في الجامع 17/105.
[53616]:نقله أبو حيان في بحره 8/164 بصيغة المجهول.
[53617]:قال الزمخشري: ومعناه أن الله عز وجل إنما خلق العالم وسوى هذا الملكوت لهذا الغرض ثم قال ويجوز أن يتعلق بقوله: هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى.
[53618]:وهو رأي الزمخشري السابق، انظر الكشاف 4/32.
[53619]:التبيان 1189.
[53620]:شاذة انظر البحر 8/164 والكشاف السابق.