قوله : «سَنَسِمُهُ » . أي : نجعل له سمة ، أي : علامة يعرف بها .
4818- لمَّا وضَعْتُ عَلى الفَرَزْدَقِ مِيسَمِي*** وعَلَى البَعيثِ جَدَعْتُ أنْفَ الأخْطَلِ{[57609]}
والخرطوم : الأنف ، وهو هنا عبارة عن الوجه كله من التعبير عن الكل بالجزء ؛ لأنه أظهر ما فيه وأعلاه ، والخرطوم أيضاً : الخمر ، وكأنه استعاره لها لأن الشنتمري قال : هي الخمر أول ما يخرج من الدَّن ؛ فجعلت كالأنف ، لأنه أول ما يبدو من الوجه ، فليست الخرطومُ الوجه مطلقاً ، ومن مجيء الخرطوم بمعنى الخمر ، قول علقمة بن عبدة : [ البسيط ]
4819 - قَدْ أشْهَدَ الشَّرْبَ فِيهِمْ مِزْهَرٌ رَنِمٌ*** والقَوْمُ تَصْرعُهُمْ صَهْبَاءُ خرْطُومُ{[57610]}
وأنشد نضر بن شميل : [ البسيط ]
4820 - تَظَلُّ يَومَكَ في لَهْوٍ وفِي طَرَبٍ***وأنْتَ باللَّيْلِ شَرَّابُ الخَراطِيمِ{[57611]}
قال ابن عباس : «سَنَسِمُهُ » سنحطمه بالسَّيفِ ، قال : وقد حطم الذي نزلت فيه يوم بدرِ بالسيف ، فلم يزل محطوماً إلى أن مات{[57612]} .
وقال قتادةُ : سنسمهُ يوم القيامة على أنفه سِمَةً يعرفُ بها{[57613]} ، يقال : وسمه وسماً وسمة إذا أثرت فيه بسمة وكيّ .
قال الضحاك : سنكويه على وجهه{[57614]} ، وقد قال الله تعالى : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ }[ آل عمران : 106 ] فهي علامة ظاهرة ، وقال تعالى : { وَنَحْشُرُ المجرمين يَوْمِئِذٍ زُرْقاً }[ طه : 102 ] وهذه علامة أخرى ظاهرة . وأفادت هذه الآية علامة ثالثة ، وهي الوسم على الأنف بالنار ، وهذا كقوله : { يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ }[ الرحمن : 41 ] .
قاله الكلبي وغيره وقال أبو العالية ومجاهدٌ : { سَنَسِمُهُ عَلَى الخرطوم } أي على أنفه ، ويسودُّ وجهه في الآخرة ، فعرف بسواد وجهه{[57615]} .
قال القرطبيُّ{[57616]} : «والخرطوم : الأنف من الإنسان ، ومن السباع موضع الشفة ، وخراطيم القوم : سادتهم » .
قال الفراء : وإن كان الخرطومُ قد خُصَّ بالسِّمة فإنَّهُ في الوجه ، لأن بعض الشيء يعبر به عن الكل .
وقال الطبريُّ : نبين أمره تبياناً واضحاً ، فلا يخفى عليهم ، كما لا تخفى السِّمةُ على الخراطيم .
وقال : المعنى : سنلحق به عاراً وسبة حتى يكون كمن وسم على أنفه .
قال القتيبي : تقول العرب للرجل يُسَبُّ سبة سوءٍ قبيحة باقية ، قد وسم ميسم سوء ، أي : ألصق به عار لا يفارقه ، كما أن السمة لا يمحى أثرها .
وهذا كلهُ نزل في الوليد بن المغيرة ، ولا شك أنَّ المبالغة العظيمة في ذمه ، بقيت على وجه الأرض الدهر ، ولا يعلم أن اللَّه تعالى بلغ من ذكر عيوب أحد ما بلغ منه ، فألحق به عاراً لا يفارقه في الدنيا والآخرة ، كالوسم على الخرطوم .
وقيل : ما ابتلاه اللَّهُ به في الدنيا في نفسه ؛ وأهله وماله من سوء ، وذل وصغار ، قاله ابن بحر .
وقال النضر بن شميل : المعنى سنحده على شرب الخمر ، والخرطوم : الخمر ، وجمعه : خراطيم ، وأنشد البيت المتقدم .
قال ابن الخطيب{[57617]} : «وهذا تعسفٌ » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.