قوله تعالى : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ } الآية .
اللام في [ قوله ] لجهنَّمَ يجوزُ فيها وجهان :
أحدهما : أنَّها لامُ الصيرورة والعاقبة ، وإنَّما احتاج هذا القائلُ إلى كونها لام العاقبة كقوله تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] فهذه علةٌ معتبرةٌ محصورة ، فكيف تكون هذه العلة أيضاً ؟ وأورد من ذلك أيضاً قول الشاعر : [ الوافر ]
لِدُوا لِلْمَوْتِ وابْنُوا لِلْخَرابِ *** . . . {[17021]}
ألاَ كُلُّ مَوْلُودٍ فَلِلْموتِ يُولَدُ *** ولَسْتُ أرَى حيّاً لِحَيٍّ يُخَلَّدُ{[17022]}
فَلِلْمَوتِ تَغْذُو الوَالِداتُ سخَالَهَا *** كَمَا لِخرابِ الدُّور تُبْنَى المَسَاكِن{[17023]}
الثاني : أنها للعلة ، وذلك أنَّهُم لمَّا كان مآلهم إليها ، جعل ذلك سبباً على طريق المجاز . وقد ردَّ ابنُ عطيَّة على من جعلها لامَ العاقبة ، فقال : وليس هذا بصحيح ولام العاقبة إنَّما تُتَصَوَّرُ إذا كان فعل الفاعل لم يُقْصَدْ مصيرُ الأمر إليه ، وأمَّا هنا فالفعلُ قُصِد به ما يصير الأمر إليه من سُكْناهم لجهنم واللاَّم على هذا متعلقة ب ذَرَأنَا ، ويجوز أن تتعلَّق بمحذوف على أنَّهُ حال من كَثِيراً ؛ لأنه في الأصل صفة لها ، لو تأخَّرَ ، ولا حاجة إلى ادِّعاءِ قلب ، وأنَّ الأصل : { ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ لكَثِير } ؛ لأنَّهُ ضرورةٌ أو قليلٌ ، و " مِنَ الجِنِّ " صفة ل " كَثِيراً " .
ومعنى { ذَرَأْنَا } خلقنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس ، أخبر الله تعالى أنه خلق كثيراً من الجن والإنس للنار ، وهم الذينَ حقت عليهم الْكلمة الأزليَّة بالشّقاوة ، ومن خلقه الله لجهنَّمَ ، فلا حيلة له في الخَلاصِ منها .
قالت عائشةُ : " أدرك النّبيُّ صلى الله عليه وسلم جنازة صبيٍّ من صبيان الأنْصَارِ ، فقالت عائشةُ له : طُوبى لَهُ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الجَنَّةِ . فقال صلى الله عليه وسلم : وما يدريكِ ؟ إنَّ الله خَلَقَ الجَنَّةَ وَخلَقَ لَهَا أَهْلاً وَهُمْ في أصْلابِ آبَائِهِمْ وخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلاً وهُمْ في أَصْلابِ آبائِهِمْ " {[17024]}
هذه الآية أيضاً تَدُلُّ على مسألة خلق الأعمالِ ، لأنَّهُ تعالى صرَّحَ بأنَّهُ خلق كثيراً من الجن والإنس لجهنم ولا مزيد على بيان كلام اللَّهِ ، وأيضاً انه لمَّا أخبر عنهم أنَّهُم من أهل النَّارِ ، فلو لم يكونوا من أهل النَّارِ انقلب علم اللَّهِ جهلاً ، وخبره الصِّدق كذباً ، وكل ذلك محال ومن علم كون الشَّيءِ محالاً امتنع أن يريدهُ ، فامتنع أن الله تعالى يريد أن لا يدخلهم النار بل يجب أن يريد أن يدخلهم النار ، وذلك هو الذي دَلَّ عليه لفظ الآية ، وأيضاً إنَّ القادرَ على الكُفْرِ إن لم يقدر على الإيمان ، فالذي خلق فيه القدرة على الكُفْرِ فقد أرادَ أن يدخله النار ، وإن كان قادراً على الكفر والإيمان معاً ؛ امتنع رجحان أحد الطَّرفين على الآخر لا لمرجح وذلك المرجح إن حصل من قبله لزم التسلسل ، وإن حصل من قبل اللَّهِ تعالى ، فهو المرادُ .
فلمَّا كان هو الخالقُ للدَّاعية الموجبة للكفر فقد خلقه للنَّارِ قطعاً ، وأيضاً : لو خلقه اللَّهُ تعالى للجنَّةِ وأعانه على اكتساب ما يوجب دخول الجنَّةِ ، ثم قدرنا أنَّ العبد سعى في تحصيل الكُفْرِ الموجب لدُخُولِ النَّارِ ، فحينئذٍ حصل مُرَادُ العبدِ ، ولم يحصل مرادُ اللَّهِ تعالى فلزمَ كون العبد أقدر وأقوى من اللَّهِ ، وذلك لا يقوله عاقلٌ ، وأيضاً : إنَّ العاقلَ لا يريدُ الكُفْرَ والجهل الموجب لاستحقاق النار ، وإنما يريدُ الإيمان والمعرفة الموجبة لاستحقاق الجنَّةِ فلما حصل الكفر ، والجهل على خلاف قصد العبد وضد جدّه واجتهاده ؛ وجب أن لا يكون حصوله من قبل العبد ، بل يجبُ أن يكون حصوله من الله تعالى .
فإن قيل : العبْدُ إنَّما سعى في تحصيل ذلك الاعتقاد الفَاسِد ؛ لأنَّهُ اشتبه عليه الأمر وظن أنه الحقُّ الصَّحيحُ .
فنقولُ : فعلى هذا التقدير إنَّما وقع في هذا الجَهْلِ لأجل ذلك الجَهْلِ المتقدِّم ، فإن كان إقدامه على ذلك الجهل السَّابق لجهل آخر سابق ، لزم التسلسل ، وهو محال ، وإن انتهى إلى جهل حصل ابتداء لا لسابقة جهل آخر ، فقد توجه الإلزام .
قالت المعتزلة : لا يمكن أن يكون المراد من هذه الآية ما ذكرتم ، لأن كثيراً من الآيات دلت على أنه تعالى أراد من الكل الطاعة والعبادة .
قال تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ أِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله } [ النساء : 64 ] وقال : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ } [ الفرقان : 50 ] وقال : { هُوَ الذي يُنَزِّلُ على عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور } [ الحديد : 9 ] .
وقال : { وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكتاب والميزان لِيَقُومَ الناس بالقسط } [ الحديد : 25 ] .
وقال { يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } [ إبراهيم : 10 ] .
وقال : { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] وأمثال هذه الآيات كثيرة . ونحن نعلم بالضَّرورة أنه لا يجوز وقوع التناقض في القرآن ، فعلمنا أنَّه لا يُمْكنُ حَمْلُ قوله : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجن والإنس } على ظاهره .
الثاني : أنه تعالى قال بعدها : { لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا } ذكر ذلك في معرض الذم لهم ، ولو كانوا مخلوقين للنَّارِ ما كانُوا قادرين على الإيمان ألبتة وعلى هذا : فيقبح ذمُّهُم على تركِ الإيمان .
الثالث : أنَّه تعالى لو خلقهم للنَّارِ لما كان له على أحد من الكُفَّارِ نعمة أصلاً ؛ لأنَّ منافع الدُّنيا بالنسبة إلى العذاب الدائم ، كالقطرة في البحر ، وكان كمن دفع إلى إنسان حلوى مسمومة فإنَّه لا يكون منعماً عليه ، فكذا ههنا ، ولمَّا كان القرآن مملُوءاً من كثرة نعم الله على كل الخَلْق علمنا أنَّ الأمر ليس كما ذكرتم .
الرابع : أنَّ المَدْحَ والذَّمَّ ، والثَّواب والعقاب ، والترغيب والترهيب ، يبطل هذا المذهب الذي ينصرونه .
الخامس : لو خلقهم للنَّارِ ، لوجب أن يخلقهم ابتداء في النَّارِ ؛ لأنَّه لا فائدة في أن يستدرجهم إلى النار بخلق الكفر فيهم .
السادس : أن قوله : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ } متروك الظَّاهر ، لأنَّ جهنَّم اسم للموضع المعين ، ولا يجوز أن يكون الموضع المعيَّن مراداً منه ، فثبت أنه لا بد وأن يقال : إن ما أراد الله لخلقه منهم محذوف . وكأنَّهُ قال : وقد ذَرَأنَا لكي يكفروا ، فيدخلوا جهنم ، فصارت الآية متروكة الظَّاهر ، فيجب بناؤها على قوله : { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس } [ الذاريات : 56 ] لأن ظاهرها يصح بدون حذف .
السابع : أنه إذا كان المرادُ أنَّهُ ذرأهم لكي يكفروا ، فيصيروا إلى جهنم ، عاد الأمر في تأويلهم إلى أن هذه اللاَّم لام العاقبة ، لكنهم يجعلونها للعاقبة مع أنَّهُ لا استحقاق للنَّار ونحن قد تأولناها على عاقبة حاصلة مع استحقاق النار . فكان قولنا أولى .
فثبت بهذه الوجوه أنه لا يمكن حمل هذه الآية على ظاهرها ، فوجب المصير إلى التأويل ، وتقريره : أنه لما كانت عاقبة كثيرة من الجن والإنس هي دخول النَّارِ . جاز ذكر هذه اللاَّم بمعنى العاقبة .
ولهذا نظائر كثيرة في القرآن والشِّعر .
أمَّا القرآنُ فقوله تعالى : { وكذلك نُصَرِّفُ الآيات وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ } [ الأنعام : 105 ] .
ومعلوم أنه تعالى ما صرفها ليقولوا ذلك ؛ لكنَّهم لمَّا قالُوا ذلك حسن ورود هذا اللفظ .
وقال تعالى : { رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الحياة الدنيا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ } [ يونس : 88 ] .
وقال : { فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [ القصص : 8 ] . ولم يلتقط لهذا الغرض ، إلاَّ أنه لمَّا كانت عاقبة أمرهم ذلك حسن هذا اللفظ .
ولِلْمَوْتِ تَغْذُوا الوالِدَاتُ سِخَالَهَا *** كَمَا لِخَرابِ الدُّور تُبْنَى المَسَاكِنُ{[17025]}
أمْوالُنَا لِذَوي الميراثِ نَجْمَعُهَا *** ودُورنا لِخرابِ الدَّهْرِ نَبْنِيهَا{[17026]}
لَه مَلكٌ يُنَادِي كُلَّ يَوْمٍ *** لِدُوا للْمَوْتِ وابْنُوا لِلْخَرَابِ{[17027]}
فأُمَّ سِمَاكٍ فلا تَجْزَعِي *** فَلِلموتِ ما تَلِدُ الوالِدَة{[17028]}
واعلم أنَّ المصير إلى التَّأويل إنَّما يَحْسُنُ إذا ثبت بالدَّليلِ العقليِّ امتناع حمل هذا اللَّفْظِ على ظاهره ، وقد بيَّنَّا بالدليل العقليِّ أن الحقِّ ما دل عليه ظاهر اللفظ ، فصار التَّأويل ههنا عبثاً ، وأمَّ الآياتُ التي تمسكوا بها فمعارضة بالبحار الزاخرة من الآيات الدالة على مذهب أهل السُّنَّةِ ، ومن جملتها ما قبل هذه الآية : { مَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتدي وَمَن يُضْلِلْ فأولئك هُمُ الخاسرون } وما بعدها ، وهو قوله : { والذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } ولمَّا كان ما قبل هذه الآية وما بعدها ليس إلاَّ ما يُقوى قولنا كان تأويل المعتزلة في هذه الآية ضعيفاً جداً .
قوله : " لَهُمْ قُلُوبٌ " جملة في محلِّ نصب إمَّا صفةً ل " كِثيراً " أيضاً ، وإمَّا حالاً من : " كثيراً " وإن كان نكرة لتخَصُّصه بالوصفِ ، أو من الضمير المستكن في مِنَ الجِنِّ ؛ لأنَّهُ تحمل ضميراً ، لوقوعه صفة ، ويجوز أن يكون لَهُمْ على حدته هو الوَصْفُ ، أو الحالُ ، وقُلُوبٌ فاعل به فيكون من باب الوصف بالمفرد ، وهو أولى .
وقوله : " لا يَفْقَهُونَ بِهَا " وكذلك الجملةُ المنفيَّة في محلِّ النَّعْتِ لما قبلها ، وهذا الوصفُ يكادُ يكونُ لازماً ، لوروده في غير القرآن ؛ لأنَّهُ لا فائدة بدونه ؛ لو قلت : لزيد قَلْبٌ وله عَيْنٌ ، وسَكَتَّ لم يظهر لذلك كبير فائدة .
المعنى : لَهُمْ قلوبٌ لا يعلمون بها الخير والهدى ، ولهُم أعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بها طريق الحق ، ولهُمْ آذانٌ لا يسمعُون بها مواعظ القرآن فيتفكرون فيها ويعتبرون . ثم ضرب لهم مثلاً في الجَهْلِ والاقتصار على الأكل والشرب ، فقال : { أولئك كالأنعام بَلْ هُمْ أَضَلُّ } أي : أنَّ همتهم الأكل واشُّرب والتمتع بالشَّهواتِ { بَلْ هُمْ أَضَلُّ } ؛ لأنَّ الأنعام تُميز بين المضار والمنافع فلا تقدمُ على المضار ، وهؤلاء يقدمون بالشهوات على النَّار معاندةً مع العلم بالهلاك .
وقيل : لأنَّ الأنعام مطيعة للَّهِ تعالى والكافر غير مطيع .
وقال مقاتلٌ : هم أخطأ طريقاً من الأنعام ؛ لأنَّ الأنعام تعرفُ ربَّها ، وهم لا يعرفون ربُّهم{[17029]} ولا يذكرونه .
وقيل : لأنَّها تفر إلى أربابها ومن يقوم بمصالحها ، والكافِرُ يهرب عن ربِّه الذي أنعم عليه .
وقيل : لأنَّهَا تضل إذا لم يكن معها مرشد ، فإن كان معها مرشد فقلما تضلُّ ، وهؤلاء الكفار قد جاءهم الأنبياء وهم يزدادون في الضلال : { أولئك هُمُ الغافلون } .
دلَّت الآيةُ على أنَّهُ تعالى كلَّفهم مع أن قلوبهم ، وأبصارهم ، وأسماعهم ما كانت صالحةً لذلك ، وهو يجري مجرى المنع عن الشيء والصَّد عنه مع الأمر به .
قالت المعتزلةُ : لو كانوا كذلك لقبح من الله تكليفهم ؛ لأن تكليف من لا قُدْرَةَ له على الفعل قبيحٌ لا يليق بالحكيم ؛ فوجب حمل الآية على أنَّ المرادَ منه كثرة الإعراض عن الدَّلائلِ وعدم الالتفات إليها ، فأشْبَهُوا من لا قَلْبَ له فاهم ولا عين باصرة ولا أذن سامعة .
وأجيبُوا بأنَّ الإنسان إذا تأكدت نُفْرتُهُ عن شيء صارت تلك النُّفرة المتأكدة الراسخة مانعة له عن فهم الكلام الدَّال على صحَّة الشيء ، ومانعة عن إبصار محاسنه وفضائله وهذه حالة وجدانية ضرورة يجدُها كلُّ أحدٍ من نفسه . ولهذا قالوا في المثل : حُبُّكَ للشَّيءِ يُعْمِي ويُصِمُّ .
وإذا ثبت هذا فنقول : إن أقواماً من الكُفَّارِ بلغوا في عداوة الرسول - عليه الصلاة والسلام - وفي بغضِهِ وشدَّةِ النُّفرةِ عن قبول دينه والاعتراف برسالته هذا المبلغ وأوقى منه والعلمُ الضروريُّ حاصلٌ بأنَّ حصول الحُبِّ والبُغْض في القلب ليس باختيارِ أحدٍ .
وإذا ثبت أنَّهُ متى حصلت هذه النُّفرة والعداوةُ في القلب ، فإنَّ الإنسان لا يمكنه مع تلك النُّفرة الراسخة والعداوة الشديدة تحصيل الفهم والعلم ، فإذا كان كذلك كان القول بالجبر لا محيص عنهُ .
وقد أورد الغزالي في الإحياء سؤالاً ، فقال : فإن قيل : إني أجد من نفسي أنَّي إن شئت الفعل فعلت ، وإن شئت الترك تركت ، فيكون فعلي حاصلاً بي لا بغيري .
ثم أجاب وقال : هب أنك وجدت من نفسك ذلك إلا أنا نقول : وهل تجد من نفسك أنك إن شئت أن تشاء شيئا شئته ، وإن شئت أن لا تشاء [ لم تشأه ] ما أظنك أن تقول ذلك وإلا لذهب الأمر فيه إلى ما لا نهاية له ، بل شئت أو لم تشأ فإنك تشاء ذلك الشيء وإذا شئته فشئت أو لم تشأ فعلته ، فلا مشيئتك به ولا حصول فعلك بعد حصول مشيئتك فالإنسان مضطر في صورة مختار .
واستدلوا بهذه الآية على أن محل العلم هو القلب ، لأنه تعالى نفى الفقه والفهم عن قلوبهم في معرض الذم .