اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِلَّآ أَصۡحَٰبَ ٱلۡيَمِينِ} (39)

قوله : { إِلاَّ أَصْحَابَ اليمين } . فيه وجهان :

أحدهما : أنَّه استثناء متصل إذا المراد بهم المسلمون الخالصون الصالحون ، فإنَّهم فكُّوا رقاب أنفسهم بأعمالهم الحسنة كما يخلِّص الراهن رهنه بإيفاءِ الحق .

والثاني : أنَّه منقطع ، إذا المراد به الأطفال والملائكة .

قال ابن عباس : المراد بهم الملائكة{[58578]} .

وقال عليُّ بن أبي طالب وابن عمر - رضي الله عنهما - هم أولاد المسلمين لم يكتسبوا فيُرْتهَنُوا{[58579]} .

وقال الضحاك : هم الذين سبقت لهم منا الحسنى{[58580]} ، ونحوه عن ابن جريج قال : كل نفس بعملها محاسبة إلا أصحاب اليمين ، وهم أهل الجنة فإنَّهم لا يحاسبون .

وكذا قال مقاتل والكلبي أيضاً : هم أصحاب الجنة الذين كانوا عن يمين آدم - عليه الصلاة والسلام - يوم الميثاق حين قال الله تعالى لهم : «هؤلاء في الجنة ولا أبالي » .

قال الحسن وابن كيسان : هم المسلمون المخلصون ليسوا بمرتهنين ، لأنهم أدَّوا ما كان عليهم{[58581]} .

وعن أبي ظبيان عن ابن عباس قال : هم المسلمون{[58582]} .

وقيل : إلا أصحاب الحق وأهل الإيمان .

وقيل : هم الذين يُعطون كتبهم بأيمانهم .

وقال أبو جعفر الباقرُ : نحن وشيعتنا أصحاب اليمين ، وكل من أبغضنا أهل البيت فهم المرتهنون .


[58578]:ينظر القرطبي 19/55.
[58579]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/318) والحاكم (2/507) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجه ووافقه الذهبي. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/459) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. وذكره أيضا عن ابن عمر ونسبه إلى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر.
[58580]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/57).
[58581]:ينظر المصدر السابق.
[58582]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/459) وعزاه إلى ابن المنذر.