اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ} (19)

ثم قال تعالى : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } كأنه تعالى يقول : أما الدنيا : فحاصلهم الهلاك ، وأما الآخرة فالعذاب الشديد ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : { خَسِرَ الدنيا والأخرة ذلك هُوَ الخسران المبين } [ الحج : 11 ] فإن قيل : المراد من قوله : { أَلَمْ نُهْلِكِ الأولين } وهو مطلق الإماتة ، والإماتة بالعذاب فإن كان مطلق الإماتة لم يكن ذلك تخويفاً للكفار ؛ لأن ذلك معلوم حاصل للمؤمن والكافر ، فلا يكون تخويفاً للكفار ، وإن كانت الإماتة بالعذاب فقوله تعالى : { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخرين } { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بالمجرمين } يقتضي أن يكون فعل بكفَّار قريش مثل هذا ، ومعلوم أن ذلك لم يوجد ، وأيضاً فقد قال تعالى : { وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } [ الأنفال : 33 ] .

فالجواب : قال ابن الخطيب{[59036]} : لم لا يجوز أن يكون المراد من الإهلاك معنى ثالث ، وهو الإماتة المستعقبة للذمِّ واللَّعن ، فكأنه قيل : أولئك المتقدمون لحرصهم على الدنيا عادوا الأنبياء وخاصموهم ، ثم ماتوا ففاتتهم الدنيا ، وبقي اللَّعْن عليهم في الدنيا والعقوبة في الآخرة دائماً سرمداً ، فهكذا يكون حال الكفار الموجودين ، وهذا من أعظم وجوه الزجر .


[59036]:ينظر: الفخر الرازي 30/240.