ثم أتبعه بتهويل ثالث ، وهو قوله : «ويْلٌ » مبتدأ ، سوغ بالابتداء به كونه دعاء .
قال الزمخشري : «فإن قلت : كيف وقعت النكرة مبتدأ في قوله تعالى { وَيْلٌ } ؟ قلت : هو في أصله مصدر منصوب سادّ مسدَّ فعله ، ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على إثبات معنى الهلاك ، ودوامه للمدعو عليهم ، ونحوه { سَلاَمٌ عَلَيْكُم } [ الرعد : 24 ] ، ويجوز «قِيلاً » بالنصب ، ولكنه لم يقرأ به » .
قال شهاب الدين{[59027]} : «هذا الذي ذكره ليس من المسوّغات التي عدها النحويون وإنما المسوغ كونه دعاء وفائدة العدول إلى الرفع ما ذكره » .
وجوز أبو البقاء : أن يكون صفة للويلِ ، وللمكذبين خبره .
قال القرطبي{[59028]} : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } أي : عذاب وخِزْي لمن كذب بالله تعالى وبرسله ، وعلى تقدير تكذيبهم ؛ فإنَّ لكل مكذب بشيء سوى تكذيبه بشيء آخر ، وربّ شيء كذب به وهو أعظم جرماً من تكذيبه بغيره ؛ لأنه أقبح في تكذيبه ، وأعظم في الرد على الله تعالى ، فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ، وهو قوله : { جَزَآءً وِفَاقاً } [ النبأ : 26 ] .
وقيل : كرره لمعنى تكرار التخويف والوعيد .
وروي عن النعمان بن بشير قال : «ويْلٌ » واد في جهنم فيه ألوان العذاب ، قاله ابن عباس وغيره{[59029]} .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «عُرِضتْ عليَّ جَهنَّمُ فَلمْ أرَ فيهَا وَادِياً أعْظمَ منَ الوَيْلِ »{[59030]} .
وروي أيضاً أنه مجمع ما يسيل من قيحِ أهل النار وصديدهم ، وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض ، وقد علم العباد في الدنيا أن شرّ المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسلات من الجيف وماء الحمَّامات ، فذكر أن ذلك الوادي مستنقع صديد أهل النَّار والشرك ليعلم العاقل أنه لا شيء أقذرُ منه قذارةً ، ولا أنتنُ منه نتناً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.