ثم قال تعالى : { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج والمعنى : وخرجوا فانقلبوا ، فحذف الخروج لأن الانقلاب يدل عليه ، كقوله : { أن اضرب بعصاك البحر فانفلق } أي فضرب فانفلق ، وقوله : { بنعمة من الله وفضل } قال مجاهد والسدي : النعمة ههنا العافية ، والفضل التجارة ، وقيل : النعمة منافع الدنيا ، والفضل ثواب الآخرة ، وقوله : { لم يمسسهم سوء } لم يصبهم قتل ولا جراح في قول الجميع { واتبعوا رضوان الله } في طاعة رسوله { والله ذو فضل عظيم } قد تفضل عليهم بالتوفيق فيما فعلوا ، وفي ذلك إلقاء الحسرة في قلوب المتخلفين عنهم وإظهار لخطأ رأيهم حيث حرموا أنفسهم مما فاز به هؤلاء ، وروي أنهم قالوا : هل يكون هذا غزوا ، فأعطاهم الله ثواب الغزو ورضي عنهم .
واعلم أن أهل المغازي اختلفوا ، فذهب الواقدي إلى تخصيص الآية الأولى بواقعة حمراء الأسد ، والآية الثانية ببدر الصغرى ، ومنهم من يجعل الآيتين في وقعة بدر الصغرى ، والأول أولى لأن قوله تعالى : { من بعد ما أصابهم القرح } كأنه يدل على قرب عهد بالقرح ، فالمدح فيه أكثر من المدح على الخروج على العدو من وقت إصابة القرح لمسه ، والقول الآخر أيضا محتمل . والقرح على هذا القول يجب أن يفسر بالهزيمة ، فكأنه قيل : إن الذين انهزموا ثم أحسنوا الأعمال بالتوبة واتقوا الله في سائر أمورهم ، ثم استجابوا لله وللرسول عازمين على الثواب موطنين أنفسهم على لقاء العدو ، بحيث لما بلغهم كثرة جموعهم لم يفتروا ولم يفشلوا ، وتوكلوا على الله ورضوا به كافيا ومعينا فلهم أجر عظيم لا يحجبهم عنه ما كان منهم من الهزيمة إذ كانوا قد تابوا عنها والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.