فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَٱنقَلَبُواْ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ} (174)

قوله : { فانقلبوا } هو : معطوف على محذوف ، أي : فخرجوا إليهم ، فانقلبوا بنعمة هو : متعلق بمحذوف وقع حالاً . والتنوين للتعظيم ، أي : رجعوا متلبسين : { بِنِعْمَةٍ } عظيمة ، وهي السلامة من عدوهم ، وعافية { وَفَضَّلَ } أي : أجر تفضل الله به عليهم ؛ وقيل ربح في التجارة . وقيل : النعمة خاصة بمنافع الدنيا ، والفضل بمنافع الآخرة ، وقد تقدم تفسيرهما قريباً بما يناسب ذلك المقام ؛ لكون الكلام فيه مع الشهداء الذين قد صاروا في الدار الآخرة ، والكلام هنا مع الأحياء . قوله : { لمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء } في محل نصب على الحال ، أي : سالمين عن سوء لم يصبهم قتل ولا جرح ولا ما يخافونه { واتبعوا رضوان الله } في ما يأتون ، ويذرون ، ومن ذلك خروجهم لهذه الغزوة { والله ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } لا يقادر قدره ، ولا يبلغ مداه ، ومن تفضله عليهم : تثبيتهم ، وخروجهم للقاء عدوهم ، وإرشادهم إلى أن يقولوا هذه المقالة التي هي جالبة لكل خير ، ودافعة لكل شرّ .

/خ175