الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَٱنقَلَبُواْ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ} (174)

( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ) أي : فرجعوا سالمين مما خوفوا به ، وهرب منهم عدوهم وأمِنُوا .

وقيل : إنهم اشتروا أدَماً وزبيباً ، فربحوا فيه ، وأقاموا ثلاثاً بحمراء الأسد " وهي على ثمانية أميال من( {[11248]} ) المدينة( {[11249]} ) " ( {[11250]} ) .

وقال السدي : لما انصرف أبو سفيان وأصحابه عن أحد ندموا إذ( {[11251]} ) لم يستأصلوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويقتلوهم ، وأداروا الرأي في الرجوع ، فقذف الله عز وجل في قلوبهم الرعب ، فهزموا فلقوا أعرابياً ، وجعلوا له جعلاً ، وقالوا له : إذا لقيت محمداً وأصحابه ، فأخبرهم أنا قد جمعنا( {[11252]} ) لهم ، فأخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك ، فخرج في طلبهم حتى بلغ حمراء الأسد ، فلقوا أعرابياً هنالك( {[11253]} ) فأخبرهم ما قال له أبو سفيان من الكذب والتخويف ، فقالوا : ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ ) ، أي : كافينا الله ونعم الكافي( {[11254]} ) .

قال ابن عباس رضي الله عنه : كان آخر قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار : [ حسبي الله ونعم الوكيل ]( {[11255]} ) " فالناس الأول هو الأعرابي ، والثاني أبو سفيان وأصحابه " ( {[11256]} ) .

وقال ابن عباس رضي الله عنهما : وافى( {[11257]} ) [ أبو س ]فيان( {[11258]} ) عيراً( {[11259]} ) واردة المدينة ببضاعة لهم ، فسألهم أبو سفيان ووعدهم ، وقال لهم : إن لقيتم محمداً وأصحابه ، فأخبروهم أني جمعت لهم جموعاً كثيرة خوفاً منه أن يتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ، ففعلت العير ذلك ، فأنزل الله عز وجل الآية( {[11260]} ) .

فالناس الأول [ أهل ] العير( {[11261]} ) ، والثاني أبو سفيان( {[11262]} ) وأصحابه .

وقال مجاهد : كان النبي صلى الله عليه وسلم قد واعد( {[11263]} ) أبا سفيان ، وأصحابه من عام قابل من عام أحد : اللقاء( {[11264]} ) بدر( {[11265]} ) الصغرى ، قال أبو سفيان : موعدكم ببدر حيث قتلتم أصحابنا( {[11266]} ) .

فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعده حتى أتوا بدراً الصغرى فوافقوا( {[11267]} ) السوق فيها ، ولم يأت المشركون فابتاعوا مما كان في السوق فذلك قوله : ( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ ) يعني الأجر ( وَفَضْلٍ لَّمْ( {[11268]} ) يَمْسَسْهُمْ [ سُوءٌ ] )( {[11269]} ) وهي غزوة بدر الصغرى( {[11270]} ) .

قال مجاهد : فالفضل ما أصابوا في التجارة( {[11271]} ) .


[11248]:- (ب) (د): أميال عن.
[11249]:- ساقط من (ج) وهو الأصح لأنها سبق ذكرها. [المدقق].
[11250]:- انظر: جامع البيان 4/181.
[11251]:- (ج): إذا.
[11252]:- (أ): جعلنا.
[11253]:- (ب) (د): هناك.
[11254]:- انظر: جامع البيان 4/180 والدر المنثور 2/338.
[11255]:- انظر: جامع البيان 4/182، والدر المنثور 2/390.
[11256]:- ساقط من (ج).
[11257]:- (ج): وافق.
[11258]:- ساقط من (ج).
[11259]:- (ب) (د): عيراء.
[11260]:- انظر: أسباب النزول 75.
[11261]:- ساقط من (ج).
[11262]:- أبا سفيان وهو خطأ.
[11263]:- (ج): وعد.
[11264]:- (ب) (د): للقاء.
[11265]:- كذا في كل النسخ واستحسن "ببدر" مجارات للسياق.
[11266]:- انظر: جامع البيان 4/181.
[11267]:- (أ) فوافق (ج): فوفقوا.
[11268]:- (أ) (ج): وفضل ولم، وهو تحريف.
[11269]:- ساقط من (أ) (ج).
[11270]:- انظر: كتاب المغازي 1/327 وسيرة ابن هشام 2/111.
[11271]:- انظر: جامع البيان 4/183.