البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَمَن تَابَ مِنۢ بَعۡدِ ظُلۡمِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (39)

أي فمن تاب من بعد ظلمه بالسرقة .

وظلمه مضاف إلى الفاعل أي : من بعد أن ظلم غيره بأخذ مال أو سرقة .

قيل : أو مضاف إلى المفعول أي : من بعد أن ظلم نفسه .

وفي جواز هذا الوجه نظر إذ يصير التقدير : من بعد أن ظلمه .

ولو صرح بهذا لم يجز ، لأن فيه تعدي الفعل الرافع الضمير المتصل إلى الضمير المتصل المنصوب ، وذلك لا يجوز إلا في باب ظن ، وفقد ، وعدم .

ومعنى يتوب عليه أي : يتجاوز عنه ويقبل توبته .

وظاهر الآية أنه بمجرد التوبة لا يقبل إلا إن ضم إلى ذلك الإصلاح وهو التنصل من التبعات بردها إنْ أمكن ، وإلا بالاستحلال منها ، أو بإنفاقها في سبيل الله إن جهل صاحبها .

والغفران والرحمة كناية عن سقوط العقوبة عنه في الآخرة .

قرأ الجمهور على أن الحد لا يسقط بالتوبة .

وقال عطاء وجماعة : يسقط بالتوبة قبل القدرة على السارق ، وهو أحد قولي الشافعي .

وقال مجاهد : التوبة والإصلاح هي أن يقام عليه الحد .