لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَمَن تَابَ مِنۢ بَعۡدِ ظُلۡمِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (39)

قوله تعالى : { فمن تاب من بعد ظلمه } يعني من بعد ما ظلم نفسه بالسرقة { وأصلح } يعني وأصلح العمل في المستقبل { فإن الله يتوب عليه } يعني فإن الله يغفر له ويتجاوز عنه { إن الله غفور } يعني لمن تاب { رحيم } به .

فصل :

وهذه التوبة مقبولة فيما بينه وبين الله . فأما القطع ، فلا يسقط عنه بالتوبة عند أكثر العلماء لأن الحد جزاء عن الجناية . ولا بد من التوبة بعد القطع وتوبته الندم على ما مضى والعزم على تركه في المستقبل . عن أبي أمية المخزومي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلصٍّ قد اعترف اعترافاً ولم يوجد معه متاع فقال له رسول الله : صلى الله عليه وسلم ما أخالك سرقت فقال : بلى فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يعترف فأمر به فقطع . ثم جيء به فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : استغفر الله وتب إليه . فقال رجل : أستغفر الله وأتوب إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم تب عليه " أخرجه أبو داود والنسائي بمعناه وإذا قطع السارق يجب عليه غرم ما سرق من المال عند أكثر أهل العلم . وقال الثوري وأصحاب الرأي : لا غرم عليه فلو كان المسروق باقياً عنده يجب عليه أن يرده إلى صاحبه وتقطع يده لأن القطع حق الله والغرم حق الآدمي فلا يمتنع أحدهما بالآخر والله أعلم .